للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المَطْلُوبُ، وَلهَذَا فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ دَعْوَى البَيِّنَةِ الحَاضِرَةِ وَالغَائِبَةِ، وَرُوِيَ عَنْ عَرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنَ الأَعْرَابِ مَعَهُمْ ظَهْرٌ، فَصَحِبَهُمْ رَجُلَان فَبَاتَا مَعَهُمْ، فَأَصْبَحَ القَوْمُ وَقَدْ فَقَدُوا كَذَا وَكَذَا مِنْ إِبِلِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: "اذْهَبْ وَاطْلُبْ "، وَحَبَسَ الآخَرَ، فَجَاءَ بِمَا ذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: "اسْتَغْفِرْ لِي فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، قَالَ: "وَأَنْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَقتلَكَ فِي سَبِيلِهِ " (١).

ما أعظم أن يقتل الإنسان في سبيل الله، وهو الذي كان يتمناه الشهداء كما هو معلومٌ.

و"عرَاك ": تابعيٌّ، ويرفع ذلك إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فهذا حديث مرسل، لكنه جاء في الرواية الأخرى موصولًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهذا الحديث ساقه المؤلف ليبين فيه ما يتعلق بالتهمة ليستشهد به.

لكن لماذا لمِ يأت المؤلف -رحمه الله - بذكر أبي هريرة، وهل يعدُّ ذلك خطأً؟ لا يُعد خطأ من المؤلف -رحمه الله - لأن المؤلف لم يأت بلفظ أبي داود (٢) أو النسائي (٣) أو الترمذي (٤) أو البيهقي (٥)؛ لأن تلك روايات


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٠/ ٢١٦) عن عراك بن مالك، قال: أقبل رجلان من بني غفار حتى نزلا منزلًا بضجنان من مياه المدينة وعندها ناس من غطفان عندهم ظهر لهم، فأصبح الغطفانيون قد أضلُّوا قرينتين من إبلهم، فاتهموا الغفاريين، فأَقْبَلوا بهما إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذكروا له أمرهم، فحبس أحد الغفاريين، وقال للآخر: "اذهب فَالْتَمس "، فلم يكن إلا يسيرًا حتى جاء بهما، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأحد الغفاريين قال حسبت أنَّه قال المحبوس عنده: "استغفر لي "، قال: غفر الله لك يا رسول الله، فَقَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "ولك، وقتلك في سبيله "، قال: فقتل يوم اليمامة .. والحديث ضعيف. يُنظر: "مختصر تلخيص الذهبي" (٥/ ٢٥٤٢).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٦٣٠)، والحديث حسَّنه الأَلْبَانيُّ في " إرواء الغليل " (٢٣٩٧).
(٣) أخرجه النسائي (٤٨٧٥) (٤٨٧٦).
(٤) أخرجه الترمذي (١٤١٧)، وقال: حديث حسن.
(٥) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١١٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>