للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد (١)، إذًا هي بعقد جائز لا واجب.

قوله: (أَيْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ عَارِيَتَهُ إِذَا شَاءَ).

العارية ليست من العقود الواجبة، بل هي من العقود الجائزة، فالمستعير له أن يردها متى شاء، لكن ليس على إطلاقه -كما ذكر المؤلف-، فلنفترض أنه أعطاه عاربةً لمدة معينة، ثم أعطاه أرضًا فبنَى عليها وغرس؛ هنا له أن يأتيه ليستردها في أي وقت شاء شريطة ألَّا يتضرر المستعير بطلب الإعادة، إلا أن يكون قيد ذلك في وقتٍ فتجاوزه المستعير إلى وقتٍ آخر.

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ: لَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا قَبْلَ الِانْتِفَاعِ (٢)).

عرفنا أن الأئمة الثلاثة يرون أنها ليست بواجبة، ومالك معهم، لكن المؤلف أفرده بقول ليس له أن يسترجعها، فخالفهم في هذه الجزئية، والكل متفقون على أنها ليست بواجبة، فإن وجدت بينهم مدة فإنها تلزم؛ لأن "المؤمنون عند شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا" (٣)، فإذا وُجد شرط بينهم فإنه يحسن الالتزام به.


(١) والحنابلة يقيدون جواز الرجوع بشرط عدم الضرر. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٣٣٢). حيث قال: "ولمعير الرجوع متى شاء مطلقة كانت أو مؤقتة ما لم يأذن في شغله بشيء يستضر المستعير برجوعه -مثل أن يعيره سفينة لحمل متاعه أو لوحًا يرقع به سفينة فرقعها به ولج في البحر فليس له الرجوع والمطالبة ما دامت في اللجة حتى ترسي ".
(٢) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٧/ ٦٢). حيث قال: " (ولزمت) الإعارة (المقيدة بعمل) كحرث فدان أو زرعه كذا أو خياطة ثوب أو ركوب من مصر لمكة".
(٣) أخرجه الدارقطني (٣/ ٤٢٦) بلفظ: "المسلمون عند شروطهم، إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>