إذًا، عمر - رضي الله عنه - ألزم محمد بن مسلمة بإمرار الماء عن طريق بستانه؛ لأن فيه نفعًا له، وفي نفس الوقت لا يضر به، وفيه منفعة لأخيه، لكن الآخرين الذين قالوا بعدم وجوب ذلك، قالوا بأنَّ محمد بن مسلمة صحابيٌّ وخالف عمر؛ فالمسألة فيها خلاف، ولا يعتبر حقيقة الموضوع جازم.
كذلك، حاولوا حمل حديث أبي هريرة على الندب، لكن أبا هريرة شدد في ذلك، وقال:"ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم".
وقالوا أيضًا بأنَّ من قالوا بعدم الوجوب لو كان الأمر قد ظهر لهم؛ لَما توقَّفوا في الأمر، ولا نزلوا عند قول أبي هريرة، لكن كونهم توقفوا فلا شك أن الأظهر أنه لا يجوز للمسلم أن يمنع أخاه من أن يحقق منفعة له علاقة بها دون أن يلحقه ضرر في ذلك.
(١) "الموطأ" (٢/ ٢٩١). وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (١٢٠٠٠)، وقال الألباني في "إرواء الغليل" (٥/ ٢٥٤): "صحيح".