للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسَّلَامُ -: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ") (١).

هذا الحديث قد مرَّ بنا في أبواب كثيرة، وهو حديث أخرجه البيهقي والدارقطني وغيرهما، لكنه حديث عام، وما معنا خاص: "لا يحل مال امرئٍ مسلم إلا عن طيب نفس منه"؛ هذا هو التعدي أن تأخذ حق أخيك بغير سبب، كما قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨].

أمَّا أن تكون لك مصلحة في جدار دارك أو مزرعة جارك ولا يلحقه أي ضرر، بل ربما يستفيد هو، فهذا هو الذي جاء في حديث أبي هريرة وفي الأثرين في قصة عمر - رضي الله عنه -.

وأما الذي يتضمنه هذا الحديث: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه"، أنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ حق أخيه المسلم تعَدٍّ.

• قوله: (وَعِنْدَ الْغَيْرِ أَنَّ عُمُومَ هَذَا مُخَصَّص بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَبِخَاصَّةٍ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ مُخْتَصَّةً وَأَنْ تَكُونَ عَلَى النَّدْبِ فَحَمْلُهَا عَلَى النَّدْبِ أَوْلَى؛ لأنَّ بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ إِنَّمَا يَجِبُ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ بَيْنَهُمَا جَمْعٌ وَوَقَعَ التَّعَارُضُ. وَرَوَى أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِقَضَاءِ عُمَرَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي الْخَلِيجِ، وَيُؤْخَذُ بِقَضَائِهِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي تَحْوِيلِ الرَّبِيعِ (٢)، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ تَحْوِيلَ الرَّبِيعِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ بِحَسَبِ غَرَضِنَا).


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١١٦٦٠)، وقال ابن حجر: "فيه علي بن زيد بن جدعان وفيه ضعف" انظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ١٠١).
(٢) بل الثابت عنه أنه لم يأخذ به.
يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (٦/ ٤٦). حيث قال: "وقد قال مالك فيمن له ماء وراء أرض وله أرض دون أرض فأراد أن يجري ماءه في أرض أنه ليس له ذلك، ولم يأخذ بما روي عن عمر في ذلك، ورواه عنه ابن القاسم في المجموعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>