للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرف أن أحدًا من الصحابة خالفه فيه، وغالبًا إذا قال الصحابة قولًا يكون لهم سند سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس ذلك شرطًا، فكثيرًا ما يكون ذلك رأي للصحابي، ولذلك نرى أن الصحابة يختلفون في بعض المسائل التي يجتهدون فيها.

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: لَا بُدَّ مِنَ الْحِيَازَةِ فِي الْمَسْكُون وَالْمَلْبُوسِ، فَإِنْ كَانَتْ دَارًا سَكَنَ فِيهَا خَرَجَ مِنْهَا) (١).

وذلك لأن الدار على القول بالقبض إنما قبضها يكون بالتخلية، فلا يمكن أن تنقل الدار إلا بخروج من فيها ودخول المالك الجديد أو الموهوب له الجديد.

قوله: (وَكَذَلِكَ الْمَلْبُوسُ إِنْ لَبِسَهُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ).

كإنسان يقول: أهبك هذا الثوب ثم يلبسه ونعلم أن أيضًا للواهب أن يرجع في هبته قبل أن يقبضها الآخر (قبل أن يعطيها ذاك له)، لكن يكره


= وحجر بن حجر، قالا: أتينا العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: ٩٢] فسلمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٤٥٥).
(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ١٠١) قال: "وحيز الشيء الموهوب لتتم الهبة، أي: تحصل الحيازة عن الواهب التي هي شرط في تمامها، وإن بلا إذن من الواهب، ولا يشترط التحويز، وأجبر الواهب عليه، أي: على الحوز، أي: على تمكين الموهوب له منه حيث طلبه؛ لأن الهبة تملك بالقول على المشهور فله طلبها منه حيث امتنع ولو عند حاكم ليجبره على تمكين الموهوب له منها قال ابن عبد السلام القبول والحيازة معتبران إلا أن القبول ركن والحيازة شرط ".

<<  <  ج: ص:  >  >>