للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ لِلْإِخْوَةِ الشَّقَائِقِ، فَخَالَفَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَصْلَهُ مِنْ أَنَّ الْجَدَّ لَا يَحْجُبُ الْإخْوَةَ الشَّقَائِقَ وَلَا الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ، وَحُجَّتُهُ أَنَّهُ لَمَّا حَجَبَ الْإِخْوَةَ لِلأمِّ عَنِ الثُّلُثِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ دُونَ الشَّقَائِقِ كَانَ هُوَ أَوْلَى بِهِ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَعَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَحْجُبُهُمْ).

اعلم أن أهل المدينة - بل وأهل الحجاز عمومًا - في الفرائض على مذهب زيد بن ثابت كخارجة وأبي الزناد وابنه عبد الرحمن، وانتهى علم أهل المدينة إلى مالك -رحمه الله - (١).

ولم يخالف مالك -رحمه الله - زيدًا - رضي الله عنه - إلا في مسألة واحدة، وهي: (امرأة هلكت وتركت: زوجًا، وأمًّا، وإخوة لأم، وإخوة لأب وأم، وجدًّا). فقال زيد - رضي الله عنه -: للزوج النصف، وللأم السدس، وما بقي فللإخوة الشقائق.

وقال مالك -رحمه الله -: للزوج النصف، وللأم السدس، وللجد ما بقي وهو الثلث، وليس للإخوة الشقائق شيء.

هذا الذي خالف فيه مالك زيدًا، مع أنه يرى توريثهم؛ إلا أنه جرى في هذه المسألة على خلاف مذهبه، وأشار المؤلف -رحمه الله - إلى ذلك فقال: (فخالف مالك في هذه المسألة أصله … إلخ)، وحجة مالك -رحمه الله - (أنه لما حجب الإخوة للأم عن الثلث الذي كانوا يستحقونه دون الشقائق كان هو أولى به) دونهم.


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٤٠) قال أبو عمر: "في هذا الخبر من العلم فضل زيد بن ثابت وامامته في علم الفرائض، وأنه كان المسؤول عما أشكل منها والمكتوب إليه من الآفاق فيها لعلمه بها، وأن المدينة كان يفزع إلى أهلها من الَافالتى في العلم. وعلى مذهب زيد بن ثابت في الفرائض رسم مالك رحمه الله - كتابه هذا، وإليه ذهب وعليه اعتمد، وكان القائم بمذهب زيد في ذلك ابنه خارجة، ثم أبو الزناد ثم ابنه عبد الرحمن ومالك وجماعة علماء المدينة على مذهب قلد بن ثابت في ذلك، وهو مذهب أهل الحجاز وكثير من علماء البلدان في سائر الأزمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>