للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تنزل نازلة وهذه النازلة لم تشتهر بين الفقهاء، وربما أتى بها البعض، لكنها لم تشتهر، وربما لم يُفْتِ بها أحد، ولا يُعرف فيها قولٌ لأحد، كيف يتعامل معها؟ تُرَدُّ إلى أصول المسائل الأخرى.

* قوله: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ تَدَرَّبَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَفَهِمَ أَصُولَ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَوْجَبَتْ خِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِيهَا أَنْ يَقُولَ مَا يَجِبُ فِي نَازِلَةٍ مِنَ النَّوَازِلِ).

وهذه المسائل الكبرى لا يتساوى الناس فيها، لا يتساوى فيها طلاب العلم، ولكن الذي يتقدم فيها هو الذي يُمارس هذه العلوم، هو الذي يشتغل بهذه المسائل الكبرى، هو الذي يَغوص فيها، ويحاول أن يتعرف أسرارها، ويحاول أن يربط الفروع بالأصول، وينبغي أن يكون على معرفة بأصول اللغة العربية وأصول الفقه، وأن يعرف الناسخ والمنسوخ والمُطلق والمُقَيَّد والعام والخاص والنواهي والأوامر؛ فيحتاج أن يُلم بهذه الأصول، فإذا أصبحت عنده هذه الموازين وهذه المقادير يَجتهد في المسائل حتى لا يختل اجتهاده.

ولا بد أن تُعرف أسباب الخلاف، ومن مزايا هذا الكتاب: أنه يذكر أقوال العلماء، يقول: اختلف العلماء في هذه المسألة؛ فقال فلان كذا، وقال فلان كذا، ولذلك لا بد من النظر في أسباب الخلاف، لماذا اختلفوا؟ فلا بد من معرفة دليل هذا ودليل هذا؛ ومعرفة أسباب الخلاف (١).

* قوله: (أَعْنِي: أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ فَقِيهٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، أَعْنِي: فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ بِعَيْنِهَا).

نزلت نازلة (٢)، فأفتى بها عالم من العلماء الذين بلغوا درجة الاجتهاد ووهبهم الله حظًّا وفيرًا من العلم؛ فيَعتبر ذلك قدوة، ويُلحق ما جَدَّ بتلك


(١) ذكر الخطيب البغدادي بعض أوصاف الفقيه الذي تكون له الفتوى،
يُنظر: " الفقيه والمتفقه " للبغدادي (٢/ ٣٣٠، ٣٣١)، ومنها: " أن يكون عالمًا بالأحكام الشرعية، وعلمه بها يشتمل على معرفته بأصولها، وارتياض بفروعها ".
(٢) النازِلة: " الشديدة من شدائد الدَهر تنزِلُ بالناسِ ". انظر: " الصحاح "، للجوهري (٥/ ١٨٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>