للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاهد من هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الدية على العاقلة، وليس هذا قتل خطأ؛ فكل واحدة منهما قاتلت الأُخرى، ولم يكن هناك قصدٌ كما في القتل العمد، قالوا: وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الدية على العاقلة، والعاقلة لا تتحمل الدية في القتل العمد إذا رضي أولياء المقتول بالدية.

إذًا هذا نوع بين القتل الخطأ والقتل العمد، وهو بالعمد أشبه.

ثانيًا: ما رواه النسائي عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة فقال: "ألا وإن في قتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا والحجر مائة من الإبل؛ فيها أربعون ثنية إلى بازل عامها كلهن خلفة" (١)، وهذا نص في إثبات هذا النوع.

قوله: (وَالَّذِينَ قَالُوا بِهِ فَرَّقُوا فِيمَا هُوَ شِبْهُ العَمْدِ مِمَّا لَيْسَ بِعَمْدٍ، وَذَلِكَ رَاجِعٌ فِي الأَغْلَبِ إِلَى الآلَاتِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا القَتْلُ، وَإِلَى الأَحْوَالِ الَّتِي كَان مِنْ أَجْلِهَا الضَّرْبُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا عَدَا الحَدِيدَ مِنَ القُضُبِ (٢) أَوِ النَّارِ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فَهُوَ شِبْهُ العَمْدِ (٣)؛ وَقَالَ


(١) أخرجه بهذا اللفظ النسائي (٤٨٠٨)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٢١٩٧).
والبازل: ما بلغ تسعًا. يُنظر: "حاشية السندي على سنن النسائي " (٨/ ٤١)، حيث قال: "إلى بازل عامها متعلق بثنية، وذلك في ابتداء السنة التاسعة، وليس بعده اسم، بل يقال: بازل عام وبازل عامين ". والخَلِفة، الناقة الحامل. يُنظر: "حاشية السندي على سنن النسائي" (٨/ ٤١)، حيث قال: "خلفة -بفتح فكسر-: هي الناقة الحاملة إلى نصف أجلها ثم هي عشار".
(٢) قُضب الحديد، أي: قطع. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ٢٠٣)، حيث قال: "وسيفٌ قاضبٌ وقضيبٌ، أي: قَطَّاعٌ، والجمع قواضبُ وقُضُبٌ ".
(٣) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٦/ ٩٧ - ١٠٠)، حيث قال: " (موجب القتل عمدًا، وهو ما تعمد ضربه بسلاح ونحوه في تفريق الأجزاء، كالمحدد من الحجر والخشب والليطة والنار الإثم والقود عينًا) .... ، ثم قال: وشبهه: وهو أن يتعمد ضربه بغير ما ذكر".
والليطة: قشرة القصب، ونحوه. يُنظر: "مختار الصحاح" ص: (٢٨٧)، حيث قال:=

<<  <  ج: ص:  >  >>