للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالآخَرُ حَدِيثُ أَنَسٍ المَشْهُورُ حِينَ وَصَفَ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَيْتِهِ قَالَ: "فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ، فَنَضَحْتُهُ بِالمَاءِ". (١) فَمِنَ النَّاسِ مَنْ صَارَ إِلَى العَمَلِ بِمُقْتَضَى حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقَالَ: هَذَا خَاصٌّ بِبَوْلِ الصَّبِيِّ، وَاسْتَثْنَاهُ مِنْ سَائِرِ البَوْلِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ الآثَارَ الوَارِدَةَ فِي الغَسْلِ عَلَى هَذَا الحَدِيثِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَلَمْ يَرَ النَّضْحَ إِلَّا الَّذِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَهُوَ الثَّوْبُ المَشْكُوكُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ مَفْهُومِهِ).

يقولون: إن النضح طهارة لِمَا شكَّ فيه؛ لتطييب النفس عليه اتباعًا لعمر في قوله: "أغسلُ ما رأيتُ، وأنضحُ ما لم أرَ" (٢).

ففسروه على أنه إنما ينضحه بالماء على سبيل تجديد نظافته وطهارته؛ لأنه ربما وقع في النفس من طول لبسه أنه لا يسلم من أن يناله شيء من النجاسة فنضحه ليُذهِبَ ما في النفس من ذلك لمَّا كان النضح طهورًا ولما لم يتيقن طهر الثوب.

قوله: (وَأَمَّا الَّذِي فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَوْلِ الذَّكرِ وَالأَنْثَى، فَإِنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي السَّمْحِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "يُغْسَلُ بَوْلُ الجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ بَوْلُ الصَّبِيِّ" (٣).

قالوا: يُنضَح بول الغلام ما لم يَطْعم، ويُغسَل بول الجارية، وليس ذلك من أجل أن بول الغلام غير نجس، ولكنه من أجل التخفيف الذي وقع في إزالته.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٨٣).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٥٢٦) عن أبي السمح، قال: كنت خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجيء بالحسن أو الحسين، فبال على صدره، فأرادوا أن يغسلوه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رشَّه، فإنه يغسل بول الجارية، وبرش من بول الغلام "، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٨١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>