للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربُّ النار" (١)، وذهبت قلة منهم إلى أنه يحرق.

وذهب أبو حنيفة، ورواية عن أحمد إلى: أن القاتل لا يقتل بالسيف، مهما كان وجه قتله.

واستدلوا على ذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا قود إلا بحديدة" (٢)، وفي رواية: "لا قود إلا بالسيف". وأجاب الجمهور: بأنه حديث ضعيف.

ثانيًا: استدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" (٣)، فإذا كان ذلك مع الحيوان فالإنسان من باب أولى، فهو أعظم وأشد حرمة.

ولذا قال بعضهم: لا ينفذ القصاص إلا بحضور السلطان، أو من ينيبه، حتى لا يحصل حيف وتجاوز، ولربما قتله بسيف غير حاد فيؤذيه (٤).


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٣٠١٦)، بلفظ: "وإن النار لا يعذب بها إلا الله"، وأما لفظ الشيخ؛ فأخرجه أبو داود (٢٦٧٧)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١/ ٧٩٨).
(٢) سبق تخريجه قبل قليل.
(٣) أخرجه مسلم (١٩٥٥).
(٤) هذا مذهب الحنفية. يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ٥٤٩)، حيث قال: "الإمام شرط استيفاء القصاص كالحدود عند الأصوليين".
وهو مذهب أحمد. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ١٨٣)، حيث قال: "ولا يستوفى القصاص ولو في النفس إلا بحضرة السلطان أو نائبه وجوبًا، فلو خالف وفعل وقع الموقع وله تعزيره".
وأما المالكية، فيجوزون استقلال القصاص في النفس إلى الولي دون السلطان. يُنظر: "مختصر خليل" (ص ٢٣١)، حيث قال: "وللحاكم رد القتل فقط للولي".
وأما الشافعية فيشترطون إذن الإمام، ويستحبون حضوره. يُنظر: "المنهاج" للنووي، (ص ٢٧٦)، حيث قال: "ولا يستوفي قصاص إلا بإذن الإمام، فإن استقل عزر، ويأذن لأهل في نفس لا طرف في الأصح". وينظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٣٠١)، حيث قال: "ويسن حضور الحاكم به له مع عدلين يشهدان إن أنكر المستحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>