للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" قولُه: (وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ مُرَبَّعَةٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَهُمُ: الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (١). وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ جَذَعَةً، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ حِقَّةً، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بَنَاتِ مَخَاضٍ).

بدأ من الأعلى إلى الأسفل، عكسَ ما كان أولًا، وهو يَعُدُّ هنا، ولا يُؤثِّرُ هذا للاختيار، وهذا قولٌ مرجوحٌ، والقولُ الراجحُ: هو القولانِ اللذَّان أخذ بهما الأئمةُ، وانقسموا إلى قسمين. وهكذا ترون كيف كان اختلاف العلماء رحمهم الله، فلمْ يكنْ هدفهم هو وجودُ هذا الاختلافِ؛ لكنَّهم دائمًا يختلفون تحريًا للصواب، فمَنْ رأى أنَّ الحقَّ في هذا الجانب قال به، ومَنْ رأى بأنَّ هذا أرجحُ قال به، ورُبَّما يُرجِّحُ هذا رأيَهُ؛ لأنَّهُ يجدُ في جانبِهِ قولًا أو أقوالًا للصَّحابةِ وهكذا، فكُلُّهم يأخذون بما يرون أنَّه أرجحُ في نظرهم. كذلك ترون المسائلَ التي فيها خلافٌ إنَّما تكونُ عندما تردُ بعضُ النُّصوصِ التي تُكُلِّمَ في سندِهِا، أو تحتملُ عِدَّةَ معانٍ، فإنَّهم يختلفون في مثل هذا الأمرِ.

* قوله: (كمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَخَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ) (٢).

لا شك أنَّ هذا من المواضع التي يُهتمُّ بها؛ لأنَّها تتعلقُ بحقوق النَّاس، فهذا إنسانٌ قُتِلَ له قتيلٌ، ولو أُعطِيَ مُلك الدنيا كُلِّها لمَا رضي أنْ يقبلَ مقابل أن يذهب والدهُ أو ابنُه، ولكن هذه إرادةُ اللهِ، ولذلك تنوَّع القتلُ، فإذا ما قتل إنسان فهناك حقٌّ، والنَّاس يختلفون، فبعضهم لا تقبل


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٧/ ٣٩٣)؛ حيث قال: "وقالت طائفة: دية الخطأ أرباع: خمس وعشرون جَذعة، وخمس وعشرون حقَّة، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون بنت مخاض. رُوِي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الشعبي، والحسن البصري، والنخعي، وإسحاق بن راهويه".
(٢) تقدم تخريجه عن علي -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>