للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالفه؛ لأن نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن استقبال القبلة واستدبارها عند الخلاء، معناه: صيانة جهة القبلة وكراهة ابتذالها في غير ما جُعِلت له، وإنما يستقبل الرجل القبلة عند الصلاة والدعاء ونحوهما من أمور البر والخير، فكره -صلى الله عليه وسلم- أن يُتوجَّه إليها عند الحدث، وكره أيضًا أن يوليها ظهرَه فتكون عورته بإزائها غير مستورة عنها.

وقد قيل: إن المعنى في ذلك أن وجه الأرض متعبَّد للملائكة والإنس والجن، فالمتباعد فيه مستقبلًا للقبلة ومستدبرًا لها، مستهدف للأبصار.

قوله: (قَالَ القَاضِي: فَهَذَا هُوَ الَّذِي رَأَيْنَا أَنْ نُثْبِتَهُ فِي هَذَا الكِتَابِ مِنَ المَسَائِلِ الَّتِي ظَنَنَّا أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الأُصُولِ، وَهِيَ الَّتِي نَطَقَ بِهَا فِي الشَّرْعِ أَكْثَرُ ذَلِكَ، أَعْنِي: أَنَّ أَكْثَرَهَا يَتَعَلَّقُ بِالمَنْطُوقِ بِهِ، إِمَّا تَعَلُّقًا قَرِيبًا أَوْ قَرِيبًا مِنَ القَرِيبِ، وَإِنْ تَذَكَّرْنَا لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الجِنْسِ أَثْبَتْنَاهُ فِي هَذَا البَابِ، وَأَكْتَرُ مَا عَوَّلْتُ فِيمَا نَقَلْتُهُ مِنْ نِسْبَةِ هَذِهِ المَذَاهِبِ إِلَى أَرْبَابِهَا هُوَ كِتَابُ "الاسْتِذْكارِ"، وَأَنَا قَدْ أَبَحْتُ لِمَنْ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَهَمٍ لِي أَنْ يُصْلِحَهُ، وَاللَّهُ المُعِينُ وَالمُوَفِّقُ).

أراد المؤلف رَحِمه الله أن يبيِّنَ منهجه في كتابه، وأنه يقتصر على ذكر المسائل الأصول التي يتفرع عليها غيرُها، وقد فعل ذلك حقًّا، وإن كان قد خالفه في بعض المواطن.

<<  <  ج: ص:  >  >>