للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمة الله -سبحانه وتعالى- في خلقه، إذ إن هذه القشرة الرقيقة تفصل بين العظم واللحم؛ لكن قد يسأل سائل فيقول: لماذا ما دون الموضحة لا دية فيها والموضحة وما فوقها فيها دية؟

الجواب: أن ما دون الموضحة يصعب تحديدها، ثم هي جروح يسيرة؛ فالخارصة: قشر شيء من الجلد وهذا يلتحم سريعًا وأمره يسير، واللاحمة: أخذ قليل من اللحم فلذلك قالوا: إن ضبط هذه الأمور من الصعوبة بمكان، أي: إذا نفذت إلى اللحم وأخذت جزءًا منه صعُبَ تقدير ذلك، وربما يُتجَاوز الحد عند القصاص؛ ولذلك قالوا: ليس فيها قصاص، وذلك بخلاف الكلام عن الموضحة فإنها محددة، فلو طولب بالقصاص إذا كان تعديًا فإنه يأخذ ممن فعل ذلك، إذ المماثلة ممكنة في القصاص، وأما التي تأتي بعدها فلا قصاص فيها، إذ المماثلة في القصاص غير ممكنة (١).

• قوله: (وَيُقَالُ لَهَا: الْمَلْطَاءُ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ (٢)).

يقال له: الملطاء بألف بعدها همزة، وملطى بألف مقصورة، أي: ألف على شكل الياء وهي الألف المقصورة.

• قوله: (ثُمَّ الْمُوضِحَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ: يكْشِفُهُ (٣)).

أوضحت العظم، أي: تجاوزت اللحم كله وقطعت الجلدة الفاصلة


(١) هذه من القواعد الفقهية المعتبرة عند أهل العلم.
قال السبكي في "الأشباه والنظائر" (١/ ٣٩١): "المماثلة في القصاص مرعية بمعنى أن من قتل بفعل من الأفعال؛ فولي الدم بالخيار بين أن يستوفي بالسيف أو بمثل فعله. وانظر: "الموافقات" للشاطبي (٢/ ٣٦)، و"فتح القدير" لابن الهمام (١٠/ ٢٣٦) وما بعدها.
(٢) "الملطاة": قشرة رقيقة بين عظم الرأس ولحمه. وهذه تسمية أهل المدينة. انظر: "النهاية" لا بن الأثير (٤/ ٢٤٩)، و"الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٤٨٢).
(٣) "الموضحة": التي تقطع الجلدة الرقيقة التي تكون بين اللحم وعظم الرأس، وتوضح العظم، أي: تبيِّنه. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>