هذه أمور اصطلاحية كما قال العلماء، ولا مشاحة في الاصطلاح، وأيضًا نحن نعرف أنه أول ما بدأ التدوين كان الفقه والحديث شيئًا واحدًا، يعني كانت كتابة الفقه مع الحديث، فلم يكن الفقه مستقلًّا كما حصل بعد ذلك، ومن الأمثلة كتاب الموطأ للإمام مالك، فهو كتاب حديث وكتاب فقه ففيه أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه جملة من الأحكام الفقهية، ثم بعد ذلك لما بدأ التوسع والتخصص انفصل علم الفقه لما كثرت فروعه وتنوَّعت وكثر التخريج على أقوال العلماء، صار هذا في مدونات وهذا في مدونات، ولكنني ذكرت أن علوم هذه الشريعة مهما افترقت في التدوين فهي دائمًا يسير بعضها مع بعض، وكنت أشبهها كثيرًا بالشجرة التي لها أصل، فأصلها هذه العقيدة الإسلامية الصافية، وما عدا ذلك فهي تلك الفروع التي تتفرع عنها، وأين تتغذى تلك الفروع؟ إنما هو من الأصل، فالأصل بلا شك هو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتلكم السنة العظيمة المطهرة التي أوتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب القرآن.