للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بالعفو، وهناك من فصَّل - وهو الإمام مالك كما سيأتي - ففرَّق بين أن يُرفع إلى الإمام فلا عفو هنا، وبين أن لا يرفع إلى الإمام فله أن يعفو، لأن الأمر بيده.

• قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (١): يَصِحُّ الْعَفْوُ (أَيْ: يَسْقُطُ الْحَدُّ) بَلَغَ الإِمَامَ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ).

فالإمامان الشافعي، وأحمد (٢) قالا بالسقوط ولم يفرقا بين أن يرفع إليه أو لم يرفع؛ لأن حد القذف أصلًا إنما يُستوفى بالمطالبة، بخلاف بقية الحدود فإنها تثبت بوقوعها ومن ذلك حد السرقة، وما جاء من المطالبة بالسرقة فهي مطالَبة بالمسروق ذات الحد، ولذلك تعرفون ما جاء في قصة رداء صفوان، فعن صفوان بن عبد الله بن صفوان، أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد. وتوسد رداءه. فجاء سارق فأخذ رداءه. فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أن تقطع يده"، فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهلا قبل أن تأتيني به" (٣).

فلا شفاعة للسارق إذا بلغ السلطان، فبعد أن بلغ الإمام فقد انتهى الأمر.

لكنَّ القذف ينفرد - أي: عند الشافعية، والحنابلة - عن غيره من


(١) يُنظر: "البيان في مذهب الإمام" للعمراني (١٠/ ٤٠٧) حيث قال: "حد القذف حق للمقذوف، فإن عفا عنه سقط".
(٢) يُنظر: "إرشاد أولي النهى" للبهوتي (٢/ ١٣١٩) حيث قال: "ويسقط بعفوه، أي: سيسقط الحد بعفو المقذوف".
(٣) أخرجه مالك في: "الموطأ" (٢/ ٨٣٤)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>