للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتداعون إلى كتاب الله، فإن لم يجدوا رجعوا إلى سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يسأل بعضهم بعضًا، ثم يجتهدون.

وعن مُعَاذ بن جبلٍ - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن قال له: " بمَ تحكم؟ ". قال: بكتاب الله. قال: " فإن لم تجد؟ ". قال: بسنة رسوله. قال: " فإن لم تجد؟ ". قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على صدره وقال: " الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله " (١).

إذًا، ليس المراد بالاجتهاد هنا هو الاجتهاد المطلق، ولكن المراد أن يكون عالمًا بالمسائل وآراء العلماء فيها، وسبب اختلافهم وأدلة المختلفين، ثمَّ يأخذ بما يرى أنه الحق.

وَالقَضاءُ في هذا الزمان قد تيسَّر بحمد الله، فهناك القاضي، وهناك مجلس القضاء الأعلى، ولكننا نتكلَّم عن القضاء بصورةٍ عامةٍ بشيءٍ من التوسُّع، ففي نظري أن المؤلف لم يوفِّ هذا البحث حقَّه.

* قوله: (وَمِثْلُهُ حَكَى عَبْدُ الوَهَّابِ عَنِ المَذْهَبِ) (٢)، يعني: عن مذهب مالك رَحِمَهُ اللهُ.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): " يَجُوزُ حُكْمُ العَامِّيِّ ". قَالَ القَاضِي: " وَهُوَ ظَاهِرُ مَا حَكَاهُ جَدِّي - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - فِي المُقَدِّمَاتِ عَنِ المَذْهَبِ " (٤)، لِأَنَّهُ جَعَلَ كَوْنَ الِاجْتِهَادِ فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ المُسْتَحَبَّةِ).

قوله: (وهو ظاهر ما حكاه جدي)، وجدُّه صاحب المقدمة أشهر متن في كتب المالكية، وله كتب عدة، منها: " البيان والتحصيل "، فجدُّه


(١) أخرجه أبو داود (٥٩٢)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في " السلسلة الضعيفة " (٨٨١).
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٢/ ٢٥٩) حيث قال: " وأما الخصال المستحبة فكثيرة، منها أن يكون من أهل البلد، ورعًا، عالمًا، يسوغ له الاجتهاد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>