للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان يسأل اللّه تعالى أن ينزل في شأنه قرآنًا، فنزل القرآن، {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} [النور: ٦ - ٩].

* قوله: (فَإِنْ كَانَ هُوَ الكَاذِبَ فَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ إِلَّا بِحُكْمِ الحَاكمِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ هِيَ الكَاذِبَةَ؛ لِأَنَّ زِنَاهَا لَا يُوجِبُ فُرْقَتَهَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الفُقَهَاءِ) (١).

ولكن الذي قرر حكم اللعان وجعله حكمًا مستقرًّا إنما هو اللّه سبحانه وتعالى، فهو موجود في كتاب اللّه، أما غيره فلا فرق بين حكم يصدر من الباري وبين حكم يصدر عن غيره، فما يصدر من البشر لا يحلل حرامًا، ولا يحرم حلالًا، ولذلك لما قال عدي بن حاتم لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: لسنا نعبدهم، قال: "أليسوا يحرمون ما أحل اللّه فتحرمونه، ويحلون ما حرم اللّه فتحرمونه؟ " فقال: "فتلك عبادتهم" (٢).

* قول: (وَالجُمْهُورُ أَنَّ الفُرْقَةَ هَاهُنَا إِنَّمَا وَقَعَتْ عُقُوبَةً لِلْعِلْمِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ).

قال المصنف رحمة الله:


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٥٤)؛ حيث قال: "فأما اللعان، فإنما حصلت الفرقة به، لا بصدق الزوج، ولهذا لو قامت البينة به، لم ينفسخ النكاح".
(٢) أخرجه الترمذي (٣٠٩٥)، ونص الحديث: أتيت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب. فقال: "يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن"، وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]، قال: "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه". حسنه الشيخ الألباني في "صحيح وضعيف الترمذي" (٣٠٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>