للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردَّ العلماء ذلك، وقالوا: "هذا لم يثبت فيه شيء". وقد تجد بعض الناس عندما يشتد الخلاف بينهم وتضعف الثقة، يقول بعضهم لبعض: أحلف لك على كتاب الله؛ وهذا لم يثبت فيه شيء، وجاء في قضية المنبر، وفي غيرها آثار، وهذه إن شاء الله سنتناولها لاحقًا.

قوله: (وَأَقَاوِيلُ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ فِي صِفَتِهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَهِيَ عِنْدَ مَالِكٍ (١): الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا).

وهذا موضع اتفاق بين العلماء .. يعني أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وله أن يزيد الحي القيوم، وأيضًا بعض العلماء يقول: العظيم، وكل ما زاد؛ لأن المسلم ترتعد فرائصه لو حلف المؤمن حقًّا بالله وهو كاذب؛ لأنه يدرك أن هناك اليمين الغموس (٢) التي تغمس صاحبها في النار، هي اليمين الكاذبة، وبعض الناس يتساهل في ذلك، ويحلف ولا يهمه؛ ليقتطع مال امرئ مسلم، وكذلك لا يهمه أن يشهد زورًا، فهذه من الأمور الخطيرة؛ لأنك عندما تحلف بالله - سبحانه وتعالى - فكأنك بتعظيمك لله بينت أنك على حق، وأن هذا الذي تقوله صحيح، وأنك وثقت هذا القول بأن حلفت بالله - سبحانه وتعالى -.

فيقول الحالف: أحلف بالله الذي لا إله إلا هو، أو: بالله الذي


= يُنظر: "مطالب أُولي النهى" للرحيباني (٦/ ٣٦١)؛ حيث قال: " (والحلف بكلام الله - تعالى - أو المصحف أو القرآن أو بسورة منه أو آية منه يمين)؛ لأنه صفة من صفاته تعالى، فمن حلف به أو بشيء منه كان حالفًا بصفته تعالى، والمصحف يتضمن القرآن الذي هو صفته تعالى .. (فيها كفارة واحدة)؛ لأنها يمين واحدة، والكلام صفة واحدة ".
(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٢٧)؛ حيث قال: " (واليمين في كل حق) من مدّعٍ أو مدّعى عليه (بالله الذي لا إله إلا هو)، أي: بهذا اللفظ ".
(٢) اليمين الغموس: أن يحلف الرجل - وهو يعلم أنه كاذب - ليقتطع بها مال أخيه، وسميت اليمين الغموس غموسًا؛ لأنها تغمس في الإثم من حلف بها باطلًا. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٨/ ٧٢) "جمهرة اللغة" لابن دريد (٢/ ٨٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>