(٢) المعتمد في مذهب الحنفية: أن الحلف بالقرآن يمين؛ أما الحلف بالمصحف، فإن قال الحالف: أقسم بما في هذا المصحف فإنه يكون يمينًا. أما لو قال: أقسم بالمصحف، فإنه لا يكون يمينًا؛ لأن المصحف ليس صفة لله تعالى؛ إذ هو الورق والجلد، فإن أراد ما فيه كان يمينًا؛ للعرف. يُنظر:، " الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (٣/ ٧١٣)؛ حيث قال: " (قوله: وقال العيني … إلخ)، عبارته: وعندي لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه، وقال: وحق هذا؛ فهو يمين ولا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الأيمان الفاجرة ورغبة العوام في الحلف بالمصحف. اهـ. وأقره في "النهر". وفيه نظر ظاهر؛ إذ المصحف ليس صفة لله تعالى حتى يُعتبر فيه العرف، وإلا لكان الحلف بالنبي والكعبة يمينًا؛ لأنه متعارف … قوله: " إلا من المصحف ". أي: فلا يكون التبري منه يمينًا؛ لأن المراد به الورق والجلد، وقوله: " إلا أن يتبرأ مما فيه "؛ لأن ما فيه هو القرآن، وما ذكره في " النهر" عن المجتبى من أنه لو تبرأ من المصحف انعقد يمينًا، فهو سبق قلم، فإن عبارة المجتبى هكذا: "ولو قال: أنا بريء من القرآن، أو مما في المصحف .. فيمين، ولو قال: من المصحف .. فليس بيمين ". وانظر: "بدائع الصنائع " للكاساني (٣/ ٨، ٩). ومذهب المالكية: ينعقد القسم بالقرآن وبالمصحف. يُنظر: "الشرح الصغير" للصاوي (٢/ ٢٠٠، ٢٠١)؛ حيث قال: " (والقرآن والمصحف)؛ لأنه كلامه القديم، وهو صفة معنى، ما لم يرد بالمصحف النقوش والورق، (وسورة البقرة)، مثلًا، (وآية الكرسي) مثلًا (والتوراة والإنجيل والزبور)؛ لأن الكل يرجع لكلامه الذي هو صفة ذاته ". ومذهب الشافعية: تنعقد اليمين بكتاب الله والتوراة والإنجيل، ما لم يرد الألفاظ، وبالقرآن وبالمصحف ما لم يرد به ورقه وجلده. يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٧٧)؛ حيث قال: "وينعقد بكتاب الله وبالتوراة والإنجيل ما لم يرد الألفاظ، كما هو واضح، وبالقرآن ما لم يرد به نحو الخطبة، وبالمصحف ما لم يرد به ورقه وجلده؛ لأنه عند الإطلاق لا ينصرف عرفًا إلا لما فيه من القرآن، ويؤخذ منه عدم الفرق بين قوله: والمصحف، وحق المصحف ". ومذهب الحنابلة: الحلف بكلام الله تعالى والمصحف والقرآن يمينٌ. =