للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصالحين أوصوا أبناءهم بأن يلازموه، وهكذا كان الإمام أحمد - رحمه الله - إذا جاء إليه أحد العلماء كالإمام الشافعي، أوصى أولاده بأن يرابطوا عنده، وأن يلازموه؛ ليستفيدوا من علمه، من سيرته، من أخلاقه، من منهجه في هذا الدِّين الحنيف، ولذلك لما أكثر الإمام أحمد من ذكر الإمام الشافعي، ومن الثناء عليه والدعاء، سئل: من هو الإمام الشافعي؟

قال: "ذلكم كالعافية للبدن، والشمس بالنسبة للإنسان والحيوان ". أو كما قال (١) - رضي الله عنه -.

هكذا كان العلماء، هكذا كانوا يربون أبناءهم على الخير، فإذا شب أحدهم عن الطوق وأصبح رجلًا سويًّا تجد أنه تغذى بنور الإيمان والعلم، فكان قدوةً طيبةً في شبابه، فيدخل ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه، شاب مشى في طاعة الله.

قوله: (قَالُوا: وَهَذَا يَقْتَضِي الحَصْرَ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ نَسْخٌ، وَلَا يُنْسَخُ القُرْآنُ بِالسُّنَّةِ الغَيْرِ مُتَوَاتِرَةٍ، وَعِنْدَ المُخَالِفِ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ بَلْ زِيَادَةٌ لَا تُغَيِّرُ حُكْمَ المَزِيدِ).

وهكذا جاءت السنة بكثير من الأحكام التي ليست في الكتاب، فقالوا: هذه زيادة وليست نسخًا، فكيف ننتقل إلى النسخ؟

قوله: (وَأَمَّا السُّنَّة فَمَا خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ).

إن السُّنة ينسخ بها الكتاب (٢)، والله تعالى يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ


(١) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٠/ ٤٥)؛ حيث قال: "وقال محمد بن هارون الزنجاني: حدثنا عبد الله بن أحمد، قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ قال: يا بني، كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض ".
(٢) يُنظر: "البحر المحيط قي أصول الفقه " للزركشي (٥/ ٢٦١)؛ حيث قال:" وأما نسخ القرآن بالسنة، فإن كانت السنة آحادًا، فقد سبق المنع، وكرر ابن السمعاني نقل الاتفاق فيه، وليس كذلك، وإن كانت متواترة فاختلفوا فيه؛ فالجمهور على جوازه ووقوعه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>