للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني قاضٍ حكم في مسألة، ثم جاء قاضٍ آخر: هل للقاضي الآخر أن ينقض حكم الأول؟

جمهور العلماء قالوا: "ليس له أن ينقض ذلك، إلا أن يكون حكم القاضي الأول قد خالف نصًّا من كتاب أو سنة أو إجماع ".

وبعضهم أيضًا يضيف إلى ذلك: "أن يكون خالف قياسًا صحيحًا جليًّا"، فإذا كان كذلك، فإنه يرد، أما إذا كان قضاؤه صحيحًا، فلا ينبغي، وكذلك إذا كان مختلفًا فيه لم يعارض نصًّا. وإنما هي مسألة اجتهادية، فليس لمن يأتي بعده أن ينقض حكمه؛ لأنه لو حصل ذلك لكانت هناك جرأة على أحكام القضاء، هذا يطبق حكمًا، وهذا يأتي فينقضه، قالوا: "ولذلك لا يجوز إلا أن يكون حكمه بني على هوى، مخالفًا لنص من كتاب الله وسنة رسوله "، بل بعضهم قال: "أو كانت سنة متواترةً"، تشددًا في ذلك، حفاظًا على مكانة القضاء وأهميته.

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ (١): إِذَا كَانَ شَاذًّا، وَقَالَ قَوْمٌ: يُرَدُّ إِذَا كَانَ حُكْمًا بِقِيَاسٍ. وَهُنَالِكَ سَمَاعٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ تُخَالِفُ القِيَاسَ، وَهُوَ الأَعْدَلُ).

هذا الذي يذكره المؤلف، ولو كان عنون له لكان أفيد، هو: إذا جاء قاضٍ آخر ينقض حكمه أو يبقيه على ما كان؟ (٢)، قلت: حكم


= كتاب) الله تعالى (أو) نص (سنة متواترة أو آحاد كقتل مسلم بكافر ولو ملتزمًا فيلزم نقضه نصًّا) ".
(١) تقدم بيانه.
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٦/ ٩٥)، حيث قال: "اعلم بأن القياس يأبى جواز العمل بكتاب القاضي إلى القاضي؛ لأن كتابه لا يكون أقوى من عبارته، ولو حضر بنفسه مجلس القضاء المكتوب إليه، وعبر بلسانه عما في الكتاب لم يعمل به القاضي. فكذلك إذا كتب به إليه، ولأن الكتاب قد يزور ويفتعل والخط يشبه الخط والخاتم يشبه الخاتم، فكان محتملًا، والمحتمل لا يصلح حجة للقضاء، ولكنا جوزنا العمل بكتاب القاضي إلى القاضي فيما يثبت مع الشبهات.=

<<  <  ج: ص:  >  >>