للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه مسألة نسبت إلى أبي حنيفة، ولذلك أبو حنيفة سئل عن مثل هذا السؤال، وأجاب بأنه لا يقدم قياسًا على أثر، على حديث صحيح (١)، وسئل أيضًا عن أقوال الصحابة إذا حصل فيها اجتهاد، وبيَّن أنه إذا اتفقوا على قول لم نخرج عنه، وأنه إذا اختلفوا نختار من بين أقوالهم، ثم سئل عن التابعين فقال: هم رجال ونحن رجال (٢)، وأخذوا من ذلك أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان تابعيًّا، والمسألة فيها خلاف، فثمة من يقول من أهل العلم بأن أبا حنيفة من التابعين، ويستدلون بما أثر عنه أنه قال: رأيت أنس بن مالك قائمًا في مسجد البصرة يصلي، يعني أنس بن مالك صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخادمه (٣).

وكذلك أيضًا أنه روى عنه حديثًا، وهو حديث: "من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة" (٤)، فهناك من يرى أنه من التابعين، وبخاصة الحنفية؛ فإنهم يؤكدون على ذلك، وكثير من العلماء يقولون هو من أتباع التابعين كالإمام مالك، ولكن الصحيح أن أبا حنيفة ولد عام ثمانين، ونحن نعلم أن من الصحابة - رضي الله عنهم - من مات بعد المائة، وأنس نيف على التسعين، إذًا أبو حنيفة كان موجودًا، كان صبيًّا في زمن أنس بن مالك، وأنس أيضًا كان في الكوفة: هل رآه؟ هل سمع منه؟ هذه مسألة تحتاج إلى تحقيق، لكن الحنفية يؤكدون ذلك (٥).


(١) لم أجده.
(٢) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٦/ ٤٠١)؛ حيث قال: وروى: نوح الجامع، عن أبي حنيفة، أنه قال: ما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة، اخترنا، وما كان من غير ذلك، فهم رجال ونحن رجال ".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) أخرجه البخاري (٩٩).
(٥) ممن الذين ذكروا أبا حنيفة وعدوه من التابعين "الذهبي "؛ إذ قال في كتابه "مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه" (ص ١٣): "ولد في سنة ثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان بالكوفة، وذلك في حياة جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وكان من التابعين لهم - إن شاء الله - بإحسان، فإنه صح أنه رأى أنس بن مالك؛ إذ قدمها أنس - رضي الله عنه - ".
ونفى الدارقطني كونه تابعيًّا، ورد هذا في "سؤالات السلمي" للدارقطني (ص ٣١٧)؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>