للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، وكان في مقدمة من قام بذلك الإمام الزهري التابعي المعروف المحدث (١)، ثم بعد ذلك أخذت تتسع، ثم اشتغل العلماء أيضًا بعلم الجرح والتعديل، فذبوا عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينوا ضلالات الضالين، وكشفوا زيف الزائفين، وبينوا ما هو الحق وما هو الباطل، ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما لم يصح، ثم بعد ذلك وضعوا الحديث على درجات، فهناك الحديث المشهور، وهناك الحديث المتواتر، وهناك الحديث المشهور، وهناك الحديث العزيز، إلى آخره.

ثم بعد ذلك تكلموا: هذا حديث صحيح، وهذا حديث حسن، وهذا حسن لغيره.

إذًا أولئك العلماء الأعلام انبروا لمثل ذلك، أولئك العلماء الذين وفقهم الله تعالى لخدمة هذا الدِّين وقفوا حياتهم وأعمارهم، وأفنوها في سبيل نصرة هذا الدِّين؛ للدعوة إليه والذب عنه، والدفاع عن بيضته، وكشف زيف الزائفين، ورد آراء أهل الضلال والأهواء، هذه بحمد الله نحن نجدها الآن، يعني نجد ذلك غذاءً شهيًّا موجودًا أمامنا، يعني ليس أمامنا فقط إلا أن نفتح الكتاب، ونرى ذلك قد بين لنا بيانًا شافيًا.

* قوله: (وَاخْتَلَفَ هَلْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ عَلَى أَحَدٍ دُونَ بَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، أَوْ لَا يَقْضِي إِلَّا بِالدَّلِيلِ وَالإِقْرَارِ؟).

يعني رجع الآن إلى أصل المسألة التي تكلمت عنها.

* قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ وَأَكثَرُ أَصْحَابِهِ (٢): لَا يَقْضِي إِلَّا بِالبَيِّنَاتِ أَوِ الإِقْرَارِ).


(١) أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (١/ ٣٣١) عن ابن شهاب يحدث سعد بن إبراهيم قال: "أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترًا دفترًا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترًا".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٥٨)؛ حيث قال: " (ولا يستند) في حكمه (لعلمه) في الحادثة، بل لا بد من البينة، أو الإقرار".

<<  <  ج: ص:  >  >>