الحنفية، هو صاحب "الأسرار المعروفة" الدبوسي (١)، ثم بعد ذلك تابعه من جاء بعده من الحنفية، ولا أدري إن سُبق إلى ذلك.
ومن التنبيهات الهامة التي نشير إليها: دقة العلماء وعمقهم في الاستنباط، كيف استطاع علماء الحنفية أن يستخرجوا الدليلَ من هذا الحديث، وكيف بنَوْا وجه الدلالة منه؛ ليقوى مذهبهم، بأن صلاة الظهر تنتهي عندما يصير ظلُّ كل شيء مثليه، وهو أول وقت صلاة العصر!!
وإن لم نوافق الحنفية في استدلالهم؛ لأن أدلة الجمهور نصٌّ في المسألة، وأدلتهم مفهومة إلا أننا أعجبنا باجتهادهم ونظرهم للأدلة.
شرح الحديث:
"إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ": مثلكم.
"أَهْلُ التَّوْرَاةِ": هم اليهود.
"أَهْلُ الإِنْجِيلِ": هم النصارى.
"ثُمَّ عَجَزُوا": لم يستطيعوا المواصلة، فلم يكمل اليهود والنصارى العمل.
* فَائدةٌ:
* غضبت اليهود والنصارى بكثرة العمل على كثرة علمهم، وقلة أجورهم، وسألوا عن السبب؛ فأجابهم الله:"هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيءٍ؟ "؛ قالوا: لا.
وهكذا الظن في الله، {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف: ٤٩]، وقال تعالى في الحديث القدسي: "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي،
(١) هذا لم يطبع كاملًا، بل طبع منه المناسك فقط قبل سنوات، وقد حقق الباقي في حوالي عشر رسائل علمية في السعودية ولكنه لم يطبع، وسيذكر ذلك الشارح قريبًا.