هذا الحديث فيه أن الحق يؤخذ من الإنسان كبيرًا كان أو صغيرًا، فلهذا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطى القوم حتى رضوا؛ لأن الرسول عرض عليهم، ثم صعد فقال:"أرضيتم؟ " في البداية قالوا: نعم. فلما صعد قالوا: لا. فنزل، فزادهم أيضًا الحكم الآخر، بأنه يجوز أن يعطى صاحب الشجة أكثر مما يستحق عليها، وهذا سبق أن تكلمنا عنه في كتاب القصاص، وكذلك القود، يعني يجوز أن يزاد، فلو قدر أن إنسانًا قتل إنسانًا، والدية معروفة، فلو طلبوا الدية مضاعفة، فلهم أن يدفعوا ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للشجاج.
* قوله:(فَهَمَّ بِهِمُ المُهَاجِرُونَ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -). هموا بهم، لأنهم أعلنوا أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رضاهم، ثم لما صعد على المنبر ليبين للناس نكثوا ورجعوا عن رضاهم، فقالوا: لا، لكن انظر، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي وصفه الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨]، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩].
لم يتأتر - صلى الله عليه وسلم -، بل نزل - صلى الله عليه وسلم - ودفع إليهم حتى رضوا، ثم صعد المنبر مرةً أخرى، فأعلن ذلك، فقالوا: رضينا.
* قوله: (فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَ، ثُمَّ قَالَ:"أَرَضِيتُمْ؟ " قَالُوا: نَعَمْ. فَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِمْ بِعِلْمِهِ - صلى الله عليه وسلم -).
المؤلف قال:(لم يحكم بعلمه)، لكن محل الشاهد هو أنهم قالوا: رضينا، ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر فقال:"أرضيتم؟ "، قالوا: لا. فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بعلمه، أي: برضاهم السابق، لأنهم أعلنوا الرضا، فلهذا أصبح مجتهدًا، لكنه نزل، فبعد ذلك أخذ موافقتهم، هذا هو محل الشاهد.