للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَإِنَّ الفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي لِمَنْ لَيْسَ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ) (١).

يقضي لمن لا يتهم عليه، أما الذي يتهم عليه فهل يحكم عليه؟ فيه خلاف سيأتي. يعني: هل يقضي لأبيه؟ هل يقضي لابنه؟ هو متهم، والتهمة المقصودة هي الحياد في حكمه، والميل فيه؛ لأجل القرابة التي تربطه بأحد الخصمين.

والواجب على المسلم ألا يميل مع أحد، وإن كان أقرب الناس إليه، ولذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماذا قال في قصة المخزومية التي كانت تستعير الحلي فتسرقها؟ وقد ذكر الجمهور - كما سبق بيان ذلك - أنها كانت تستعير وتسرق، وأنها سرقت ملحفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه القصة قد سبق الحديث عنها.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (٧/ ٣٢٠)؛ حيث قال: " (قوله: وحكم الحاكم) سواء كان قاضيًا أو محكمًا الأبويه وولده وزوجته)، وكل من لا تقبل شهادته له (باطل لمكان التهمة)، بخلاف ما إذا حكم عليهم يجوز لانتفائها".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٥٢): " (ولا يحكم)، أي: لا يجوز لحاكم أن يحكم (لمن لا يشهد له) كأبيه وابنه وزوجته (على المختار)، وكذا لا يحكم على من لا يشهد عليه، ومقابل المختار يجوز إن لم يكن من أهل التهمة".
مذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١٠/ ٣٨١/ ١٣٩)؛ حيث قال: " (ولا ينفذ حكمه)، ولا سماعه لشهادة (لنفسه) (ورقيقه) (وشريكه)، أو شريك مكاتبه (في المشترك) لذلك أيضًا. نعم لو حكم له بشاهد ويمينه جاز؛ لأن المنصوص أنه لا يشاركه ذكره أيضًا. ويؤخذ من علته أنه يشترط أن يعلم أنه لا يشاركه، وإلا فالتهمة موجودة باعتبار ظنه، وهي كافية (وكذا أصله وفرعه)، ولو لأحدهم على الآخر (على الصحيح) ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٥٠٢)؛ حيث قال: " (ولا) يصح ولا ينفذ حكمه (لنفسه ولا لمن لا تقبل شهادته لهم) كزوجته وعمودي نسبه كالشهادة".

<<  <  ج: ص:  >  >>