للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاهد أنه لما توثق في أمر المخزومية، وكان لها مكانة وشهرة، وكان لقومها عظيم المكانة، ورسول - صلى الله عليه وسلم - الله أنكر على أسامة شفاعته لتلك المرأة، وكان أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه، قال: "أتشفع في حد من حدود الله؟! إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه، وأيم الله … " (١)، وفي رواية: "والله! لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" (٢).

لم يقل: "تُقْطع "، ولكن قال: "لَقَطَعْتُ يدها"، فما كانت تأخذه في الله لومة لائم.

فالناس سواء لا يختلفون في الحق القريب منهم والبعيد، ولذلك قال الله تعالى في سورة المائدة: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.

فهذا هو واجب المؤمن، وهذا هو الشأن في القاضي، يعدل بين الناس دائمًا.

لكن لماذا قال العلماء: "لا يحكم "؟ .. حتى يبعد عن مواضع التهم.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ عَلَى مَنْ لا تَجُوزُ عَلَيْهِ شَهَادَتُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: يَجُوزُ).


(١) أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨/ ٩).
(٢) أخرجها البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨/ ٨)، ولفظها: "وأيم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
أما اللفظ الذي ذكره الشارح رحمه الله، فقد أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (٣/ ٩٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>