للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية في غير الصحيحين: "اليمين على من أنكر" (١). يعني من رفض الدعوى وهو المدعى عليه، فلم يقر بما ادعي عليه.

لأنه لا يلزم دائمًا أن يكون المدعي على حق، فهناك من يدعي الباطل، وهناك من يدعي الحق، ولكن من يدعي أمرًا من الأمور، سواء كان متعلقًا بالأموال أو الدماء أو غيرها، فعليه أن يأتي بالبينة.

أما فيما يتعلق بالغائب، فهناك مدعٍ حاضر وغائب مدعى عليه .. فهل يصدر الحكم على الغائب أو لا؟

هذه مسألة اختلف فيها العلماء، فمن العلماء - وهم الجمهور، الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد .. وسيذكرهم المؤلف - من قال: "يقضي على الغائب "، ومعنى ذلك أنه حين يدعي إنسان على غائب دعوى، فإذا ما استكملت الشروط والبينات، فهل للقاضي أن يقضي على الغائب أو ليس له ذلك؟

ذكرنا أن جمهور العلماء قالوا: "نعم ". وأبو حنيفة قال: "لا يقضى على غائب ". ولكل من الطرفين حجة أو أدلة يتمسك بها.

* قوله: (قَالا: يَقْضِي عَلَى الغَائِبِ البَعِيدِ الغَيْبَةِ).

(قالا) يعني مالكًا والشافعي، وذكرنا أنه قول لأحمد أيضًا.

(البعيد الغيبة) أما القريب الغيبة، فإنه يُدْعَى، ولكن هناك من يختفي، وهذا له حكم، ولم يتعرض له المؤلف، يعني قد يكون الإنسان قريبًا فيتوارى عن الأنظار حتى لا يحكم عليه، فمثل هذا يحكم عليه، وإن كان قريبًا، فكم من الناس يختفي إذا علم أن الحق عليه وليس له، تراه يتوارى عن الأعين ويختفي، فمثل هذا أيضًا تقام عليه الدعوى، وللقاضي أن يحكم عليه.


(١) أخرجه البيهقي (٢١٢٠١)، وصححه الألباني في "المشكاة" (٣٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>