للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل الآخر: هو دليل عقلي لم يعرض له المؤلف.

أما حديث هند، فإنها شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجها أبا سفيان، فقالت: "يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني ما يكفيني وولدي ". يعني من النفقة.

فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" (١).

الشاهد أن أبا سفيان لم يكن حاضرًا، وقد حكم عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بأن أذن لزوجته هند أن تأخذ ما يكفيها وولدها، وقيد ذلك بالمعروف، يعني من النفقة.

فقالوا: هذا دليل على أنه يقضى على الغائب، إذ لو لم يكن جائزًا لما قضى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سبق الحديث قبل عن هذه المسألة، وقلنا بأن من العلماء من قال بأن هذه فتوى من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وليست قضاء.

* قوله: (وَلَا حُجَّةَ فِيهِ).

وأما المعقول الذي لم يعرض له المؤلف من حجة الجمهور، فإنهم قالوا: لو كان الخصم موجودًا لقضي عليه لقيام البينة، فكذلك إذا لم يكن موجودًا، وكانت البينة قائمة، فإنه يقضى عليه غائبًا، كما لو كان حاضرًا.

* قوله: (لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَائِبًا عَنِ المِصْرِ، وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يَرَ القَضَاءَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَإِنَّمَا أَقْضِي لَهُ بِحَسَبِ مَا أَسْمَعُ" (٢)).

قوله: "لم يكن غائبًا عن المصر" هذا ليس مسلَّمًا لاحتمال أن يكون


(١) أخرجه البخاري (٥٣٦٤) واللفظ له، ومسلم (١٧١٤).
(٢) أخرجه البزار في مسنده (٧٩٩٦) من حديث أبي هريرة، وأصله في البخاري (٢٤٥٨)، ومسلم (١٧١٣) من حديث أم سلمة بلفظ: "إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها".

<<  <  ج: ص:  >  >>