للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من طلاب العلم، بحيث إذا أشكل عليه أمر من الأمور سألهم أو ناقشهم في ذلك الأمر.

وليس شرطًا أن يكون هذا الذي علم مسألة أعلم من الاخر، فأنا قد تكون عندي مسائل قليلة، وعند غيري مسائل كثيرة، ولكنني حفظت أشياء لم يحفظها الآخر، فقد تجد عند بعض الطلاب ما ليس عند شيخه، ليس معنى ذلك أن الطالب أعلم من الشيخ، ولكنه قد وقف على أمر لم يقف عليه شيخه، أو ربما نسي هذا الشيخ تلك المسألة، فيذكره بها.

ولذلك فإن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - نسي وهو يصلي بالناس، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أين أبيٌّ؟ ". وقد قال في أبي - رضي الله عنه - في الحديث الذي مر بنا حين أرسل عليًّا إلى اليمن ودعا له ذلك الدعاء المعروف، قال: "أقضاكم علي"، وقال: "أقرؤكم أبي" (١)، وهذا هو الشاهد.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تردد في آية وهو يصلي، فقال: "أين أبي؟ ألم يكن في القوم؟ " يريد أن يفتح عليه (٢)، فليس عيبًا أن يتردد الإنسان في مسألة يتوقف فيها، فإمام دار الهجرة توقف من أربعين مسألة في ثمان وثلاثين (٣)، وما تغيرت مكانته، بل هو إمام دار الهجرة، وكانت تضرب إليه أكباد الإبل من كل حدب وصوب.


(١) أخرجه ابن ماجه (١٥٤) وغيره، عن أنس بن مالك: "أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " … وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أُبي بن كعب … ". الحديث، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٨٩٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٩٠٧) عن سالم بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن عمر: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة، فقرأ فيها، فلبس عليه، فلما انصرف، قال لأبي: "أصليت معنا؟ "، قال: نعم. قال: "فما منعك؟ ". وصحح الألباني إسناده في "صحيح أبي داود" (٤/ ٦٣).
(٣) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (٣/ ٤٨٥)؛ حيث قال: "وروي عن أبي الهيثم بن جميل قال: شهدت مالك بن أنس سُئل عن ثمان وأربعين مسألة قال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري.
وروي عن خالد بن خداش أنه قال: قدمت على مالك من العراق بأربعين مسألة فسألته عنها، فما أجابني إِلَّا في خمس مسائل منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>