للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما مر في الحديث الذي تكرر كثيرًا: "البيِّنة على المدعي"، وفي حديث الحضرمي والكندي: "البيِّنة". قال له: "البيِّنة"، فلما لم يأت بالبيِّنة قال: "لا بيِّنة عندي". فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لك إِلَّا يمينه" (١).

* قوله: (وَاليَمِينَ فِي حَيِّزِ المُدَّعَى عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَلَّا يَنْقَلِبَ الأَمْرُ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُم عِبَادَةً).

ليس الأمر سهلًا أن يدعي إنسان على الآخر، فليست الدعاوى بالأمور الهينة حتى يأتي إنسان بمجرد أن يكون بينه وبين آخر خلاف، فيريد أن ينتقم منه، فهذا ينبغي أن يؤخذ على يديه؛ كي لا يدعيَ على الآخرين دعوى غير صحيحة.

ولذلك لما جاء هلال بن أمية، وقد رمى زوجته بشريك ابن سحماء، ماذا قال له الرسول؟

قال: "البيِّنة، أو حد في ظهرك" (٢). وفى رواية أُخرى قال: "أربعة، أو حد في ظهرك" (٣). يعني: أربعة شهود، أو حد في ظهرك .. حتى نزلت آية اللعان.

قد يتعدى بعض الناس على بعض، وربما يرمي رجل رجلًا بالزنا أو بغير ذلك من الأمور المحرمة، وربما ينفيه عن نسبه، فإذا علم المدعي على غيره في ذلك بالباطل أنه سيجلد ثمانين جلدة إذا لم يثبت ما ادعاه، فإنه يرتدع وينزجر، فبعض الناس تجد في ألسنتهم تسلطًا، فيقع في القذف مثلًا، مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم ليس بسباب ولا لعان" (٤)، وقال:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٧١).
(٣) أخرجه النسائي (٦/ ١٧٢)، وصححه الألباني في "صحيح النسائي" (٣٤٦٩).
(٤) أخرجه البخاري (٦٠٣١) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: لم يكن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - سبابًا، ولا فحاشًا، ولا لعانًا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: "ما له ترب جبينه".

<<  <  ج: ص:  >  >>