للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني إذا ادعى إنسان على الآخر حقًّا من الحقوق، فاعترف المدعى عليه، وكان الحق عينًا موجودة، فإن هذا الحق يرد إليه، هذا لا خلاف فيه.

* قوله: (وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَالًا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يُكَلِّفُ المُقِرَّ غُرْمَهُ، فَإِفي ادَّعَى العُدْمَ حَبَسَهُ القَاضِي عِنْدَ مَالِكٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ عُدْمُهُ) (١).

فالمدعى عليه إذا اعترف بأن عنده حق هذا المدعي، ثبت الحق بهذا الاعتراف، فإن كان موجودًا رد إلى صاحبه، وإن لم يكن موجودًا يقال له: ائت بحق فلان، فيقول: ليس عندي هنا.

يقول المؤلف: (يحبس)؛ وهذا هو رأي بعض العلماء. والحبس هنا من العقوبات الشرعية حتى يتحقق عدم الوجود، فإذا ثبت بعد ذلك بأنه لا شيء عنده، يدخل ضمن المعسرين الذين يشملهم قول اللّه تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠].

يعني إن كان لا يجد شيئًا، فينظر حتى يجد ذلك الشيء، فيرده إلى صاحبه، وهذا يدخل في باب الرحمة؛ فإن الإنسان إذا كان له حق على آخر، فينبغي له أن ينظره إذا كان معسرًا، ولذلك - كما سبق - في قصة ذلك الرجل الذي لم يعمل خيرًا إِلَّا أنه كان يُنْظِر الغني ويعفو عن المعسر (٢)، فاللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - غفر له، لأدْ اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أيضًا يتجاوز عن السيئات، وعن


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٣٢)؛ حيث قال: " (وإن) (نكل) المدعى عليه حيث توجهت عليه اليمين (في مال وحقه)، أي: المال أي ما يؤول إليه كخيار وأجل (استحق) الطالب (به)، أي: بالنكول بيمين من الطالب، أي: معه، لا بمجرد النكول هذا".
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٧) ومسلم (١٥٦٠) عن حذيفة - رضي الله عنه -، قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، قالوا: أعملت من الخير شيئًا؟ قال: كنت آمر فتياني أن ينظروا ويتجاوزوا عن الموسر، قال: قال: فتجاوزوا عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>