للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى طَلَبِ العَدْلِ وَالكَفِّ عَنِ الجَوْرِ).

العدل مطلوب، وقد أمر الله تعالى به في كتابه العزيز، وأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعدل عدلان: العدل قد يكون بين الزوجين، وذلك بأن يعدل الرجل بين نسائه، فإن من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل.

وكذلك يعدل بين أولاده، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم"، في قصة الذي جاء ليشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - على عطية أعطاها أحد أولاده، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا أشهد على جور" (١). وقد سبق بيان الخلاف في هذه المسألة.

وفيما يتعلق بالعدل بين النساء، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه، وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك" (٢).

فإن الإنسان يقسم فيما هو ظاهر، لكن ميل القلب لا يستطيع أن يتصرف فيه، فتجد أن القلب يميل إلى هذا، وينصرف عن ذاك، ويتعلق بهذا أكثر من تعلقه بذلك، فهذه أمور إنما هي بيد الله سُبحانه وتعالى.

وهناك أمور أشد خطرًا مما سبق ذكره يجب فيها العدل، كالحال فيما يتعلق بالقصاص في الحدود، فإن الله سُبحانه وتعالى أمر بالقصاص، وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}.

وقد سبق تناول الحدود الخمسة، ومنها حد الزنا، وبيَّنَّا عقوبته،


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥٠)، ومسلم (١٦٢٣) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له، فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا. قال: "ألك ولد سواه؟ " قال: نعم. قال: فأُرَاهُ. قال: "لا تشهدني على جور".
(٢) أخرجه أبو داود (٢١٣٤)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>