للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا على الإنسان أن يغتنم الفرصة، وأن يقدم هذا المال، ولذلك جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم (١) وغيره (٢) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، دفعهم إلى سفك دمائهم، واستحلال محارمهم".

الشاهد هنا: "واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، دفعهم إلى سفك دمائهم". يعني على قتل بعضهم بعضًا، فهذه نتيجة الشح، نتيجة البخل، نتيجة إمساك المال، قد يدفع هذا الشح النفوس الضعيفة ويؤزها أزًّا حتى يصل بها الأمر إلى القتل، فيقتل بعضهم بعضًا.

ولذلك حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من البخل، وجعله قرينًا للظلم، والله تعالى قد حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرمًا، فقال في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا" (٣).

ولما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى اليمن أخبره أنه سياتي قومًا أهل كتاب، وقال له: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله". وقال بعد ذلك: "واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" (٤)، حتى لو كان المظلوم غير مسلم، فلا يجوز ظلمه.


(١) أخرجه مسلم (٢٥٧٨).
(٢) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص ٢٤٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١٥٤).
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيما روى عن اللهِ تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا … ". الحديث.
(٤) أخرجه البخاري (١٤٩٦)، ومسلم (١٩) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإن=

<<  <  ج: ص:  >  >>