للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اسمعوا وأطيعوا، ولو تأمَّر عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة" (١).

فمهما كان الذي أُمِّرَ عليك، فعليك أن تطيعه؛ لأن هذا هو أمر الله سُبحانه وتعالى، ولذلك من الالتزام بهذه الشريعة أن يكون المؤمن ملتزمًا بذلك، وقد سبق بيان أن الصحابة - رضي الله عنهم - بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنشط والمكره (٢)، كما سبق بيان أن الإنسان إذا بايع حاكمًا، فعليه أن يطيعه في المعروف، كما جاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه إذا أعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فعليه أن يطيعه، فإن جاء آخر ينازعه ذلك، فاضربوا عنق الآخر" (٣).

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيّن أن من خرج عن ذلك فمات فميتته جاهلية، فدلت الأحاديث على طاعة ولاة أمر الأمة ما لم يأمروا بمعصية الله عز وجل؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهذه الطاعة واجبة، وإذا ساد


(١) أخرجه البخاري (٦٩٣) بلفظ: "وإن استعمل" بدلًا من "ولو تأمَّر عليكم عبد".
(٢) معنى حديث أخرجه البخاري، واللفظ له (٧١٩٩) ومسلم (١٧٠٩) عن عبادة بن الصامت، قال: "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم".
(٣) أخرجه مسلم (١٨٤٤) عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: دخلت المسجد، فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون عليه، فأتيتهم فجلست إليه، فقال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنزلنا منزلًا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار، وبدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر … " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>