فإن كان سيترتب عليه مصلحة، فليبادر إلى ذلك، ليعمل به استجابة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوجيهه، وإن كان سيترتب عليه ضرر، فعليه أن يبتعد عنه؛ فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإذا علمت أن إنكارك المنكر بلسانك سيثير فتنة، ويوقع خلافًا بين المؤمنين، فعليك أن تجتنبه حتى تجد الفرصة.
" … فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(١)؛ لأن إنكار المؤمن بالقلب هو من الإيمان، لكنه أضعف الدرجات، لكن أن يغير باليد فهذا يقوم به ولي الأمر، كما تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وينبغي مراعاة الحكمة في الأمر والنهي، قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥]. إذًا بالحكمة، ولكن قال في الآية الأُخرى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)} [يوسف: ١٠٨].
إذًا هناك منهج للدعوة، منهج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مميزات هذه الأمة وخصائصها التي خصها الله بها أنها خير أمة بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، فإذا وفق الآمر إلى القيام بهذه المهمة، فعليه أن يكون من أهلها حقًّا، وأن يكون حكيمًا في أداء هذا الواجب، وألا يفرق بين الناس في الأمر والنهي، فلا يكون -مثلًا- الآمر
(١) أخرجه مسلم (٤٩) عن طارق بن شهاب -وهذا حديث أبي بكر- قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان. فقام إليه رجل، فقال: الصلاة قبل الخطبة؟ فقال: قد ترك ما هنالك. فقال أبو سعيد: أما هذأ فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".