للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال سُبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠].

وفي قصة خيبر عندما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأعطين الراية رجلًا يحبه الله ورسوله، ويحب الله والرسول" (١)، فاشرأبت الأعناق، وثارت الأسئلة في الأذهان، من الذي سيظفر بذلك، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن علي بن أبي طالب: فقيل: "أصاب عينه الرمد"، فجاء به فبصق على عينه، فشفي بإذن الله.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أعطاه الراية، وقال له: "فواللّه لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم" (٢). وهي الإبل العظيمة التي كان يضرب بها المثل في ذلك الوقت، فلم تكن عندهم الطائرات، ولا السيارات، ولا البوارج، ولا غير ذلك، ولكن كان أنفس وأعظم أموالهم هي الإبل، ولذلك جاء ضرب المثل فيها، لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم.

ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده … " وهذا لولاة الأمر "فإن لم يستطع فبلسانه … ". ويقف هنا إذا أراد أن يغير المنكر بلسانه، فينظر: هل سيترتب على إنكاره باللسان مصلحة أو ضرر؟


(١) أخرجه البخاري (٣٧٠١)، ومسلم (٢٤٠٦) عن سهل بن سعد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلًا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله وبحبه الله ورسوله". فال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كلهم يرجون أن يعطاها، فقال: "أين علي بن أبي طالب" فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: "فأرسلوا إليه". فاتي به، فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: "انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم".
(٢) حمر النعم: كرائمها، وهي مثل في كل نفيس. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" (ص ١٢٧) و"المصباح المنير" للفيومي (١/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>