للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله حديث خَبَّاب الذي ذكره المؤلف؛ قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- "فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا" قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: "أَفِي الظُّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفِي تَعْجِيلِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ" (١).

قوله: "حَرَّ الرَّمْضَاءِ" هي الرمل الحار بحرارة الشمس (٢).

قوله: "فَلَمْ يُشْكِهِمْ" من أشكى، إذا أزال شكواهم (٣).

والمعنى: أن الصحابة شَكَوْا إِلَى رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- الصَّلَاة في الرمل الَّذِي اشتدت حرارته؛ فَلم يزل شكواهم.

وهذان الحديثان -وما في معناهما- مَنْسُوخانِ بِأَحَادِيث الإِبْرَاد.

فمن الأمور التي استُدركت على المؤلف- وخاصة في الأدلة-: أنه يسرد الأدلة، ولا يبين الناسخ والمنسوخ منها؛ فيظهر التعارض بين الأدلة.

مثلًا: أنه لو ذكر الأحاديث الذي استدلَّ بها الجمهور على الإبراد؛ كحديث المغيرة، ونبَّه إلى أن حديث خباب كان في أول الأمر ثم نسخ؛ لجمع بين الأدلة، وأزال كل خلاف؛ فيذكر أنهم كانوا يصلون بالهاجرة؛ ثم بعد ذلك صاروا يؤخرونها عن شدة الحر.

والأرجح في هذه المسألة: أن أداء صلاة الظهر في أول وقتها أفضل، ما لم يكن هناك حر؛ فإن كان هناك حر؛ فالأفضل الإبراد بها (٤).

* قوله: (وَقَوْمٌ رَجَّحُوا هَذِهِ الأحَادِيثَ لِعُمُومِ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "وَقَدْ سُئِلَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) "الرمض": حر الحجارة من الشمس. يُنظر: "غريب الحديث" لإبراهيم الحربي (٣/ ١٠٩٨).
(٣) فلم يشكهم، أي: لم يجبهم إلى ذلك، ولم يزل شكواهم. يُنظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٤٩٧).
(٤) قدمنا مذاهب أهل العلم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>