للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالجَمَاعَةِ، وَفِي الحَرِّ وَالبَرْدِ (١) وإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ إلا"حَادِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ ثَابِتَيْنِ، أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ، فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" (٢)، وَالثَّانِي: "أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ" (٣). وَفِي حَدِيثِ خَبَّابٍ: "أَنَّهُمْ شَكَوْا إِلَيْهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِهُمْ"، خَرَّجَهُ مُسْلِم. قَالَ زُهَيْرٌ رَاوِي الحَدِيثِ: قُلْتُ لِأبِي إِسْحَاقَ شَيْخِهِ: أَفِي الظُّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفِي تَعْجِيلِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ (٤)، فَرَجَّحَ قَوْمٌ حَدِيثَ الإِبْرَادِ؛ إِذْ هُوَ نَصٌّ، وَتَأَوَّلُوا هَذِهِ الأَحَادِيثَ؛ إِذْ لَيْسَتْ بِنَصٍّ).

فمن العلماء من ذهب إلى أن أول الوقت أفضل مطلقًا، ومنهم من فرَّق بين الأوقات، كما ذكرنا (٥).

بل إن بعض العلماء فضَّل أداءَ صلاة الظهر في أول وقتها حتى لو اشتدَّ الحرُّ فيها، وذلك لما روي عن زيدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاةً أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهَا، فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، وَقَالَ: "إِنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ، وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ" (٦)، وشدة الصلاة على الصحابة لاشتداد الحر أثنائها.


(١) وهم الظاهرية، قال ابن حزم في "المحلى" (٣/ ١٨٢): "وتعجيل جميع الصلوات في أول أوقاتها أفضل على كل حال، حاشا العتمة، فإن تأخيرها إلى آخر وقتها في كل حال وكل زمان أفضل؛ إلا أن يشق ذلك على الناس، فالرفق بهم أولى، وحاشا الظهر للجماعة خاصة في شدة الحر خاصة، فالإبراد بها إلى آخر وقتها أفضل".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه مسلم (٦١٩/ ١٩٠).
(٥) تقدَّم بيان مذاهب العلماء فيها.
(٦) أخرجه أبو داود (٤١١) وغيره، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>