للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤلف يتكلم عن مسألة: هل يقضى بالعموم على الخصوص؛ أم بالخصوص على العموم؟! (١).

أو هل يقضى بالمطلق على المقيد، أم بالمقيد على المطلق؟!

أو هل الخاص يخص العام أم لا؟

الرأي الصحيح عند الأصوليين: أن العام يُخَصُّ، فهناك آيات خُصَّتْ بآيات، وآيات خُصَّتْ بأحاديث (٢).

مثلًا: يقول الله -سبحانه وتعالى-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣]، وجاء في الحديث الصحيح: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أُحِلَّتْ لنَا مَيْتَتَان، وَدَمَان. فَأَمَّا المَيْتَتَان: فَالحُوتُ وَالجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَان: فَالكَبِدُ وَالطِّحَالُ" (٣). والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا.

* والمراد بقوله: "إنَّ الخَاصَّ يَقْضِي عَلَى العَامِّ ": أن الخاص يخصُّ العام (٤)؛ فقد يشكل على البعض معنى "يَقْضِي عَلَى العَامِّ" هل يذهبه؟!


(١) الأصوليون لهم تفصيلات كثيرة في هذه المسائل الدقيقة. يُنظر: "الإبهاج في شرح المنهاج" للسبكي (٢/ ١٦٨) وما بعدها، و"البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٥٣٩) وما بعدها.
(٢) هذه من القواعد الأصولية المهمة، وتقدم ذكر طرف منها؛ يقول الجصاص في "الفصول في الأصول" (١/ ٤٠٦): "وأما إذا ورد لفظ العموم والخصوص في خطاب واحد فإنهما يستعملان جميعًا؛ لأن لفظ التخصيص إذا ورد مع العام فهو بمنزلة الاستثناء مع الجملة وهذا لا خلاف فيه "، وأيضًا (١/ ٣٨١) وما بعدها.
وانظر: "البحر الحيط" للزركشي (٤/ ٥٣٩) وما بعدها.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٣٣١٤) وغيره، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٥٢٦).
(٤) يقول الزركشي في "تشنيف المسامع بجمع الجوامع" (٢/ ٧١٥): "التخصيص ": قصر العام على بعض أفراده. (ش) لم يقل اللفظ العام ليتناول ما عمومه عرفي أو عقلي وكالمفهوم على ما سبق، فإنه يدخله التخصيص مع أنه ليس بلفظ، وإنما لم يقل بدليل؛ لأن القصر لا يكون إلا كذلك، وتناول ما أريد به جميع الأفراد أولًا، ثم أخرج بعضها كما في الاستثناء وما لم يرد إلا بعض أفراده ابتداء. وانظر: "شرح الورقات" لجلال الدين المحلي (ص ١٧٧) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>