للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر كما ذكره المؤلف، ما تأولوا ذلك على أنه لأهل الأعذار.

يشير المؤلف إلى قول ابن القاسم والإصطخري من الشافعية، وهي رواية للحنابلة، وهو أن نهاية وقت الفضيلة والاختيار لصلاة الفجر هو الإسفار؛ ثم يأتي بعد ذلك وقت أهل الأعذار والضرورة بعد الإسفار، وهذا هو قصد المؤلف.

ثم يريد المؤلف أن يقيم دعوى على الجمهور؛ لماذا فرقوا بين وقتي العصر والفجر؛ فقالوا: إن آخر وقت العصر الذي هو بمقدار ركعة، بعد اصفرار الشمس، أو بعد المثلين على قول؛ وقت ضرورة (١)، وقال الجمهور هنا: إن آخر وقت الفجر الذي هو بمقدار ركعة، عند الإسفار، وقت ضرورة؟!

فهو يريد أن يحتج عليهم في الفجر بما فعلوه في العصر.

والجواب: أنه لا حجة؛ لأن في صلاة العصر ورد التحذير من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمن يؤخرها بقوله: "تِلْكَ صَلَاةُ المُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ المُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ المُنَافِقِينَ، يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَي شَيْطَانٍ، أَوْ عَلَى فَرْنَيِ الشَّيْطَانٍ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا" (٢)، ولم يرد ذلك في صلاة الفجر؛ فلا ينبغي أن يحتج على الجمهور بهذا.

وللجمهور أقوال في آخر وقت العصر؛ منها:

الأول: أن وقت العصر ينتهي بالاصفرار (٣).

الثاني: وجعلوا ما بين الاصفرار إلى الغروب، خاص لأهل الأعذار أن من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فقد أدرك العصر (٤).


(١) تقدَّم ذكر مذاهبهم في هذه المسألة.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) وهي رواية عن مالك، ومذهب أحمد، وتقدم قريبا ذكر مذاهبهم وأقوالهم فيها.
(٤) وهو مذهب الحنفية والظاهرية، وقد تقدم ذكر مذاهبهم في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>