للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَرْقُ بَيْنَ الإخْلَاص والنيَّة:

وَالمَقْصودُ بالنيَّة هاهنا إنَّما هي النيَّة في العبادَات، والَّتي يَنْبغي أن يَصحَبها الإخلاصُ، وَهِيَ الَّتي أشَارَ إليه الله سبحانه وتعالى بقَوْله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]، فقَوْله: {مُخْلِصِينَ} حال من قَوْله تَعالَي: {لِيَعْبُدُوا}، والأحوال - كما يقول العلماء - إنما هي بمثابة الشروط، فالنيَّة في العبادات يتعيَّن فيها أن يصاحبها الإخلاص.

التسمية في الوضوء:

والمؤلف هاهنا لم يَذكُر التسمية في الوضوء مع أنها محلُّ خِلَافٍ بين العلماء، بَلْ إنَّ منهم مَنْ قال بوُجُوبها، وببطلان وضوء مَنْ ترَكَهَا عَامدًا، وقَدْ ذَكَرْنَا آنفًا أنَّ هذَا الكتابَ لا يتعرَّض للفُرُوع الكثيرة، وإنما يُعنَى بأُمَّهات المَسَائل التي تُؤْخذ مباشرةً من منطوق النَّصِّ أو مَفْهومه، ولذَا فإنَّنا سنَتنَاول هاهنا التَّسمية، وأقْوَال العُلَماء فيها؛ لِمَا لهَا من أهمِّيَّةٍ لا يَنْبغي إغْفَالُها، فهي مسألة متعلقة بالطَّهارة، والطَّهارة شرطٌ في صحَّة الصَّلاة الَّتي هي الرُّكن الثَّانِي من أركان الإسلام بعد الشَّهَادتين.

والتَّسمية يَدُورُ كلَامُ العُلَماء فيها على ثلَاثة أقوالٍ:

القول الأوَّل: أن التَّسمية مُسْتحَبَّة في الوضوء، وهو مذهب جماهير العلماء من الحنفيَّة (١)، والمالكيَّة (٢)، والشافعيَّة (٣)، وأحمد في أظهر الروايتين عنه (٤).


(١) يُنظر: " البحر الرائق " لابن نجيم (١/ ١٩) حيث قال: " (قوله: كالتسمية)، أي: كما أن التسمية سُنَّة في الابتداء مطلقًا، كذلك غسل اليدين سنة في الابتداء مطلقًا ".
(٢) يُنظر: " مواهب الجليل " للحطاب الرعيني (١/ ٢٦٦) حيث قال: " ص.
(وتسمية). ش: قال ابن المنير في " تيسير المقاصد ": وفضائله ست: التسمية مكملة بخلاف الذبيحة ".
(٣) يُنظر: " تحفة المحتاج " لابن حجر الهيتمي (١/ ٢٢٤)، حيث قال في " سنن الوضوء ": " (والتسمية أوله)، أَيْ: الوضوء للاتباع، ولخَبَر: " لَا وُضُوءَ لمَنْ لم يسمِّ ".
(٤) يُنظر: " الإنصاف " للمرداوي (١/ ١٢٨)، حيث قال: " قوله: (وسُنَن الوضوء عشرٌ: السِّواك بلا نِزَاعٍ، والتَّسمية)، وهَذَا إحدى الروايات. قال المصنف والشارح: هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>