للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يقيسون خروج وقت العصر على خروج وقت المغرب فيقولون: لأن الحائض لو فاتها وقت العصر، ودخل وقت المغرب لما طُولبت بذلك؛ فكذلك الحال بالنسبة لصلاة العصر.

وحجة الحنفية: أن وقت الظهر قد خرج دون أن يُلزَم صاحب العذر بصلاة فيه، وزال عذره في وقت الصلاة الثانية، وكذلك أيضًا صلاة المغرب مع العشاء إذا خرج وقتها؛ فلا تجب قياسًا على مَن فاته وقت العصر كليًّا ودخل عليه وقت المغرب؛ فإنه لا يصلي صلاة العصر.

قوله: (فَمَنْ تَمَسَّكَ بِالنَّصِّ الوَارِدِ فِي صَلَاةِ العَصْرِ أَعْنِي: الثَّابِتَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ" (١)، وَفَهِمَ مِنْ هَذَا الرُّخْصَةَ، وَلَمْ يجِزْ الِاشْتِرَاكَ فِي الجَمْعِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَفُوتُ وَقْتُ صلَاةٍ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الأُخْرَى" (٢)، وَبمَا سَنَذْكُر بَعْدُ فِي بَابِ الجَمْعِ مِنْ حُجَجِ الفَرِيقَيْنِ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا الوَقْتُ إِلَّا لِصَلَاةِ العَصْرِ فَقَطْ، وَمَنْ أَجَازَ الِاشْتِرَاكَ فِي الجَمْعِ فِي السَّفَرِ قَاسَ عَلَيْهِ أَهْلَ الضَّرُورَاتِ).

أراد المؤلف بقوله: "حتى يدخل وقت الصلاة"؛ أي: حتى يحضر وقتها، ولا بد أن ننظر في أحكام المسافر خاصة في أبواب الجمع بين الصلاتين حتى يتضح الأمر؛ فقد فسر المؤلف حقيقة الخلاف وعلته بين


(١) أخرجه البخاري (٥٧٩)، ومسلم (٦٠٨).
(٢) ذكره ابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ٢٤) عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تفوت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى" ولم يسنده، ولم أقف عليه مسندًا، وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ١٦٥) عن ابن عباس قال: "لا تفوت صلاة حتى ينادى بالأخرى" عبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٥٨٢) عن عطاء قال: "لا تفوت صلاة النهار الظهر والعصر حتى الليل، ولا تفوت صلاة الليل المغرب والعشاء حتى النهار، ولا يفوت وقت الصبح حتى تطلع الشمس ".

<<  <  ج: ص:  >  >>