للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتِرَاكهِمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ) (١).

هناك أمران محل خلاف بين المالكية من جانب والشافعية والحنابلة من جانب آخر وهو:

أن الإمام مالك (٢) يرى وجود قدر مشترك بين الظهر والعصر تؤدَّى فيه أربع صلوات؛ لما ورد في حديث إمامة جبريل: "عندما صلى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - اليوم الأول العصر حين صارَ ظلُّ كلِّ شيء مثله، وهو الوقت الذي صلى به الظهر أيضًا في اليوم الثاني " (٣).

فهنا وقت مشترك بينهما، وذاك ما ذهب إليه المالكية.

قوله: (وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جِهَةِ اشْتِرَاكهِمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ (٤)، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا الوَقْتَ إِنَّمَا هُوَ لِلْعَصْرِ فَقَطْ، وَاِنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ "، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ).

يرى الإمام أبو حنيفة أن الوقت المشترك هو العصر فقط، كصاحب العذر حين تخرج وقت الصلاة الأولى وما زال بعذره؛ وكالحائض مثلًا إذا زال حيضها؛ أي: طهرت في آخر وقت العصر؛ فلا تُطالب بالظهر؛ لخروج وقت الظهر وهي معذورة، ومثلها بقية أهل الأعذار.


(١) يُنظر: "التجريد" للقدوري (ص ٣٩٩) حيث قال: "إذا بلغ الصبي، أو أسلم الكافر، أو طهرت الحائض، أو أفاق المجنون في وقت العصر لم يلزمهم الظهر، وإن كان ذلك في وقت العشاء لم يلزمهم المغرب ".
(٢) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (١/ ١٤٨) حيث قال: "وتشارك العصر الظهر في وقتها المستحب من أول زوال الشمس للعذر. وقد قيل: إن الظهر يختص من أول الزوال بمقدار أربع ركعات لا يشاركها فيه العصر".
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٣)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٤٩).
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>