للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَجْرُ، وَمَرَّةً جَعَلَهُ لِلصَّلَاةِ الأَخِيرَةِ كلمَا فَعَلَ فِي العَصْرِ) (١).

انتقل المؤلف إلى ما يتعلَّق بوقت أهل الأعذار، وذلك بالنسبة للمغرب والعشاء، فهنا اختلف رأي الإمام مالك عن سابقه؛ لأن صلاة الظهر أربع ركعات كالعصر بخلاف المغرب ثلاثة ركعات فمرَّة يقول: من أدرك مقدار ثلاث ركعات قبل الفجر فلا يصلي إلا العشاء، ومرة يقول: إن لم يدرك إلا وقتًا تؤدى فيه أربع ركعات؛ فلا يصلي إلا العشاء، لكن لو أدرك مقدار خمس ركعات؛ فإنه يصلي المغرب والعشاء على قولنا، وعلى القول الآخر في الرواية الأخرى أنه يدرك ثلاث ركعات، ولو أدرك أربع ركعات صلَّى المغرب ثلاثًا ثم يبدأ بعد ذلك بركعة واحدة من العشاء.

قوله: (فَقَالَ: هُوَ مِقْدَارُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَهُوَ القِيَاسُ، وَجَعَلَ آخِرَ الوَقْتِ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَجَعَلَ حُدُودَ أَوَاخِرِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ المُشْتَرَكَةِ حَدًّا وَاحِدًا وَهُوَ إِدْرَاكُ رَكْعَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَذَلِكَ لِلظُّهْرِ وَالعَصْرِ مَعًا، وَمِقْدَارُ رَكْعَةٍ أَيْضًا قَبْلَ انْصِدَاعِ الفَجْرِ وَذَلِكَ لِلْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ مَعًا).

قد اتضح مذهب الشافعية والحنابلة: أنه إن أدرك ركعة قبل غروب الشمس أو قبل طلوع الفجر؛ فإنه يلزمه أن يصلي هناك الظهر والعصر


(١) والخلاف عند المالكية.
يُنظر: "شرح التلقين" للمازري (١/ ٤١٩) حيث قال: "اختلف في مدرك أربع ركعات قبل الفجر هل يكون مدركًا لصلاة المغرب والعشاء كما قاله مالك وأكثر أصحابه، أو يكون مدركا للعشاء خاصة كما قاله ابن الماجشون وابن مسلمة لأجل الاختلاف في آخر الوقت؟ هل يكون وقتًا لأول الصلاتين أو لآخرهما؟ فمن قدَّره لأول الصلاتين جعله مدركًا للمغرب لحصول جميع ركعاتها. وتفضل ركعة يكون مدركًا بها للعشاء أيضًا. ومن قدَّره لآخر الصلاتين جعله مدركا للعشاء خاصة لكون هذا المقدار من الزمن لا يسع أكثر من قدر ركعات العشاء. وهكذا قال ابن الماجشون أن المغرب إنما يكون لها ما فضل بعد ركعات العشاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>