للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَحْكي الشيخُ عن نفسه في هذه المرحلة فيقول: "كنتُ أحصلُ على المرتبة الأولى أو الثانية، وكان ينافسني شاب من نجد، والذي أعاقني هو اشتغالي في دكان الوالد، ولكن بعد الابتدائي إلى الجامعة انقطعت عن الاشتغال فيه، فكنت دائمًا المتفوِّق بحمد الله، وكانوا إذا أدخلوا الطفل إلى المدرسة قالوا لمعلمه: لك اللحم ولنا العظم، أي: أباحوا له الضرب، ثم قال: أنا -والحمد لله- سلمت؛ لأني كنت مهتمًّا بالدروس" (١).

وبعدَ أن أكملَ دراسته الابتدائية التحقَ بالمعهد العلمي بالرياض، ودرَس فيه المرحلة المتوسطة، وفي هذه المرحلة أتمَّ حفظ القرآنِ الكريم، وكان متفوِّقًا في دراسته، وهناك طرأ عليه ما غيَّر مسار حياته العلميةَ؛ فأخذ طابعًا آخرَ؛ فقد التقى بفقيه الزمان، وحَسنة الأيَّام، الشيخ العلامة: محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- صاحب التفسير المشهور "أضواء البيان"، وقد كان رجلًا مهيبًا، ومن شدَّة مهابته كان لا يجرؤ أحد على قراءة الدرس عليه، خشية أن يوبِّخه، خاصَّة عند اللَّحن والخطإ، وحتى الشَّناقطة منهم، فكان يقرأ على الشيخ وتعجِبُه قراءته، وزكَّاه الشيخ أمام الطلاب حينما سأل عن النتائج ومَن نجح ومن رسَب، فقالوا: الذي حاز الرُّتبة الأولى هو محمد بن حمود الوائلي فقال الشيخ: "لا أنا أسأل عن غيره، هذا طالب علم معروف".

وكان من أعظم الأمور التي يكرِّرها الشيخ هذه التزكية من الشيخ محمد الأمين على رؤوس الطلاب، وكان يقول: "ففرحت يومها فرحًا شديدًا، وكانت كلمةً أوقدت الهمَّة في قلبي، وزادتني حرصًا على حرصٍ، والله ما تطلعت بعد تزكية الشيخ الأمين إلى أيِّ تزكية أُخرى" (٢).

ثمَّ شدَّ الشيخ الرِّحالَ إلى طيبة الطيبة، والتحق بمعهد الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في المرحلة الثانوية، وهناك التقى بقامة أُخرى من


(١) مقال: حتى لا ننسى الشيخ الفقيه محمّد بن حمود الوائلي، مصدر سابق.
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>