للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الدلوك" (١) هو: الزوال وذاك إشارة إلى أول الوقت، هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ولا صارف له لغير الوجوب؛ فدلَّ ذلك على أن الصلاة تجب في أول الوقت، لكن الواجب هنا واجب موسَّع كما ذكر.

وتظهر ثمرة الخلاف: لو أن إنسانًا دخل عليه وقت الصلاة فلم يصلِّ في أوله بأن طرأ عذر منعه من الصلاة، فلا يطالب بتلك الصلاة في أول الوقت بل الأمر موسَّع لآخر الوقت لوجود العذر.

وقوله: (وَهُوَ لَازِمٌ لِمَنْ يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ تجِبُ بِدُخُولِ أَوَّلِ الوَقْتِ).

أراد المؤلف أن يُلزِم المالكية بمذهب الشافعية والحنابلة، فيقول: هذا لازم لمن يقول بأن الصلاة تجب في أول الوقت، فلماذا خرج المالكية عن ذلك الأصل؟

وبذلك يكون المالكية قد خرجوا عن أصل من أصولهم، وهو وجوب الصلاة في أول الوقت، فاعترض عليه المؤلف لذلك؛ إذ قال به السادة الحنفية فهو على مذهبهم؛ فإذا قال به الإمام مالك؛ فذلك خارج عن أصولهم.

قوله: (لِأنَّهَا إِذَا حَاضَتْ وَقَدْ مَضَى مِنَ الوَقْتِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ فِيهِ الصَّلَاةُ؛ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِآخِرِ الوَقْتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ (٢) لَا مَذْهَب مَالِكٍ، فَهَذَا كمَا تَرَى لَازِمٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ جَارِيًا عَلَى أُصُولِهِ، لَا عَلَى أُصُولِ قَوْلِ مَالِكٍ) (٣).

يريد المؤلف أن يناقش المالكية في قولهم: "بسقوط الصلاة عن الحائض إذا مضى من الوقت ما يمكن أن تؤدي فيه الصلاة وحاضت بعد


(١) "دلوك الشمس": زوالها عن وسط السماء، وغروبها أيضًا. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ١٣٠) "تهذيب اللغة" للأزهري (١٠/ ٦٩).
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>