للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ما سبق هل الصلاة تجب بأول الوقت أم لا؟

يرى السادة الحنفية (١) أن الصلاة لا تجب بأول الوقت؛ لأنها لو وجبت في أول الوقت لما جاز تأخيرها كصوم رمضان، حيث يجب من أول الوقت؛ فلا يجوز التأخير عنها، وكذلك الصلاة لو وجبت في أول وقتها لما جاز للمصلي أن يؤخرها، ودليلهم في ذلك: قياس الصلاة على الصوم في عدم التأخير.

ويرى جمهور العلماء (المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)) أن الصلاة تجب في أول الوقت، لكن لا يلزم من وجوبها في أول الوقت أن تؤدى مباشرة في أول وقتها، واستدلوا بقول الله -سبحانه وتعالى-: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨].


= الشمس أمر بلالًا فأذن، ثم أمره، فأقام الظهر، ثم أمره، فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة؟ " فقال الرجل: أنا، يا رسول الله، قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم ".
(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٩٥) حيث قال: "وعند المحققين من أصحابنا لا تجب في أول الوقت على التعيين، وإنما تجب في جزء من الوقت غير معين، وإنما التعيين إلى المصلي من حيث الفعل حتى أنه إذا شرع في أول الوقت يجب في ذلك الوقت، وكذا إذا شرع في وسطه أو آخره ".
(٢) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (١/ ٢٣٨) حيث قال: "لأن الصلاة عندنا تجب بأول الوقت ".
(٣) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٣٠) حيث قال: "فمذهب الشافعي، ومالك، وأكثر الفقهاء، أنها تجب بأول وقت ورفه بتأخيرها إلى آخر الوقت ".
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢٥٩) حيث قال: " (ومن أدرك من أول وقت) مكتوبة (قدر تكبيرة ثم طرأ) عليه (مانع من جنون أو حيض ونحوه) كنفاس (ثم زال المانع بعد خروج وقتها؛ لزمه قضاء) الصلاة (التي أدرك) التكبيرة (من وقتها فقط)؛ لأن الصلاة تجب بدخول أول الوقت ".

<<  <  ج: ص:  >  >>