للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان من كان على خير ثم تغير؛ لأن الإنسان قد يعمل عمل الخير فيتأخر في آخر حياته، وقد يعمل أعمالًا لا تكاد الجبال تحملها من السيئات؛ لكن الله -سبحانه وتعالى- يختم له الخاتمة الحسنة، وإنما الأعمال بالخواتيم (١)، ولذلك لا ينبغي للإنسان أن يعترض على قضاء الله وقدره، بل ينصح، ويوجه وينبه الناس؛ ولذلك يقول الله -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسي: "مَن ذا الذي يتعالى عليَّ في كبريائي" في قصة الذي قال: "لا يهدي الله ذلك الرجل" (٢)، "ورب أشعث أغبر لو تمنى على الله لأبره" (٣).

فليست الأمور إذن بالمظاهر في هذه الحياة بل بالتقوى والعمل الصالح؛ كما قال الله {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

وعلى ما سبق لماذا يختلف المسلمون في قضية من القضايا، وخاصة القضايا التي تتعلق بأصل هذا الدين وجوهرها وهي العقيدة، فلِمَ لا تردُّ هذه المسائل إلى تلكم القرون المفضلة قرون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: ١٠]، ولذلك قال عبد الله بن مسعود في أثره الآخر: "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب العباد؛ فاصطفاه لرسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فما رآه المسلمون حسنًا؛ فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئًا؟ فهو عند الله سيئ" (٤)، فلماذا لا نرجع إلى ما نختلف فيه


(١) أخرجه البخاري (٦٦٠٧) عن سهل بن سعد: وفيه … "إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم".
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٢١) عن جندب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حدث: "أن رجلًا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك".
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٢٢).
(٤) أخرجه أحمد في "المسند" (٣٦٠٠)، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٥٣٢): "موضوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>