للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوع من أنواع العبادة، ومن يذبح لغير الله فهو مشرك، يقول -سبحانه وتعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].

فهذه أمور لا ينبغي أن نتجاوز حدَّها، فإذا كنا قد أفنينا جزءًا من أعمالنا، وجمعنا المال بعد جهد جهيد ومشقة ومرور سنين طويلة؛ لنحج به فما جئنا إلى الحج إلا طاعة لله -سبحانه وتعالى-، واستجابة لندائه، وإرضاء له -سبحانه وتعالى-، وطلبًا لمغفرته؛ فإذا كنا نسعى إلى ذلك؛ فلماذا نتجه إلى المخلوقين؟ ولماذا لا نربط صلتنا بالله -سبحانه وتعالى- في كل أمر من أمورنا؟ فالله -سبحانه وتعالى- سيفرج عنا كل كرب، ويرفع عنا كل ضيق؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يغفر لكل مؤمن صادق يدعوه؟ وإذا ما دعوت الله -سبحانه وتعالى-؛ فهناك شروط لإجابة الدعاء، ومنها:

فينبغي أن تكون صادقًا في دعوتك، وأن تكون مخلصًا، وأن تتحرى أوقات الإجابة، والمواضع التي يدعى فيها كأن تكون ساجدًا؛ فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد (١)، وألا تتعجل الإجابة فالله -سبحانه وتعالى- قد يدَّخر لك ذلك في الآخرة؛ ليرفعك به درجات، وقد يستجيب لك الله -سبحانه وتعالى-؛ فيدفع عنك به شرًّا (٢).

فإذا توجهت إلى الله بقلب صادق ومخلص؛ فالله -سبحانه وتعالى- وعدك بالإجابة فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠]، والله لا يخلف الميعاد.


(١) معنى حديث أخرجه مسلم (٤٨٢) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".
(٢) معنى حديث أخرجه أحمد في "المسند" (١١١٣٣) عن أبي سعيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" قالوا: إذًا نكثر، قال: "الله أكثر"، وجود إسناده الأرناؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>